Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-06-25

 

جريدة الراية: الهند وآسيا الوسطى

أهداف التقارب الجيوسياسي

بقلم: الأستاذ عبد العزيز الأوزبيكي

 

 

في 6 حزيران/يونيو 2025 عُقد في نيودلهي الاجتماع الرابع لوزراء خارجية الهند ودول آسيا الوسطى. وعلى الرغم من أن الاجتماع الذي حضرته وفود رفيعة المستوى من كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبيكستان وُصف في البيانات الرسمية بأنه لـ"تعميق التعاون" إلا أنه في الواقع كانت له أهداف استراتيجية خطيرة مثل مواجهة النفوذ الصيني والروسي وتنويع طرق الطاقة وتعزيز الموقف السياسي الأمريكي في المنطقة.

 

يعتبر حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند بقيادة ناريندرا مودي حزباً عميلا لأمريكا ويعمل على تحقيق استراتيجيتها في أوراسيا. كما تعتبر الهند توأم ترامب إلى جانب كيان يهود. يحلل كتاب الصحفي والكاتب آزاد أيسّا "تحالف جديد بين الدولتين العدوتين الهند وإسرائيل"، تاريخ الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين. ويؤكد المؤلف بأن الهندوسية والصهيونية تخدمان كأساس لاحتلال يهود الأراضي الفلسطينية وسيطرة الهند على كشمير ذات الأغلبية المسلمة. واعتباراً من عام 2019 تستخدم الهند خبرة كيان يهود لتقديم مفهوم البحث الحضاري في كشمير.

 

يلفت أيسّا الانتباه إلى حقيقة أن التحالف بين الهند وكيان يهود هو عامل يربط بين الاحتلالين لأن أساليب العنف متشابهة ومبررة بأسباب متشابهة. تجارة الأسلحة بين الدولتين والإنتاج المشترك للأسلحة وتكنولوجيا المراقبة والتدريبات العسكرية المشتركة بينهما توفر الدعم المتبادل لاحتلال كشمير وفلسطين. كما توفر دولة يهود التدريب ومعدات المراقبة وتكنولوجيا الرادار للشرطة في كشمير التي تحت سيطرة الهند. ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام كانت دولة يهود من بين أكبر ثلاثة موردين للأسلحة إلى الهند في عام 2021 حيث بلغت نسبة صادرات الأسلحة منها إلى الهند 43% من إجمالي صادرات الأسلحة لديها.

 

ويشير أيسّا كذلك إلى أنه منذ عام 2000 اعتمد الأمريكيون الهنود في الكونجرس الأمريكي على اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) و(AIPAC) في أنشطتهم. وقد تعاونت جماعات الضغط الهندية مع هذه الجماعات لتحقيق أهداف مشتركة. قالت رئيسة المجلس اليهودي الأمريكي آن شافر لصحيفة فوروارد في عام 2002 "نحن نتشارك معهم النهج اليهودي في النشاط السياسي. نريد أن نمنحهم الأدوات اللازمة لتحقيق أجنداتهم السياسية".

 

إن العلاقة بين الهند وكيان يهود التي وصلت إلى ذروة العداء للإسلام والمسلمين قد توطدت بشكل كبير منذ وصول مودي ونتنياهو إلى السلطة. ويرتكب المجرم ترامب جرائم غير مسبوقة في حق المسلمين وممتلكاتهم وأرواحهم وأعراضهم على أيدي هذين الكيانين المجرمين. يقول الله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾.

 

ويبين نص البيان المشترك الذي اعتمد في الاجتماع الرابع لوزراء خارجية الهند وآسيا الوسطى في نيودلهي أن القضايا التي كانت في صلب المناقشة الرئيسية هي:

 

* الأمن ومكافحة الإرهاب: تم التأكيد مجددا على الالتزام بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وإدانة الهجمات الإرهابية. وأُشير إلى أهمية المشاورات المنتظمة بين مجالس الأمن الوطني.

 

* التحديات الإقليمية والعالمية: دعم أفغانستان مسالمة ومستقرة وخالية من الإرهاب والمخدرات.

 

* الموارد: تم الإعراب عن الاهتمام بالتعدين المشترك للعناصر الأرضية النادرة والمعادن الأساسية واقتراح عقد منتدى ثان للعناصر الأرضية النادرة بين الهند وآسيا الوسطى.

 

* التأكيد على أهمية الممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب (INSTC) والإشارة إلى دعم الهند لانضمام تركمانستان وأوزبيكستان إليه. كما أشار البيان إلى نجاح اجتماع مجموعة العمل المشتركة بين الهند وآسيا الوسطى بشأن ميناء تشوباهار واهتمام دول آسيا الوسطى بالاستفادة منه.

 

* إيلاء اهتمام خاص لأهمية المشاريع الاقتصادية الجاري تنفيذها حالياً بما في ذلك مشروع خط أنابيب الغاز بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند (TAPH) الذي يهدف إلى تعزيز العلاقات بين منطقة آسيا الوسطى والهند. وأيضا تمت مناقشة تطوير إمكانات النقل والعبور في دول آسيا الوسطى والهند بما في ذلك تقديم المبادرات المشتركة لإنشاء ممرات نقل إقليمية ودولية.

 

وفي الوقت نفسه تحتفظ روسيا والصين بنفوذها القوي في دول آسيا الوسطى. وتتوسع مشاركة الصين في قطاعات البنية التحتية والطاقة في المنطقة من خلال مشروع "حزام واحد طريق واحد". كما أن روسيا تسعى إلى الحفاظ على نفوذها عسكرياً وسياسياً خاصة من خلال منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وفي ظل هذه الظروف يمكن النظر إلى تحركات الهند للتغلغل في آسيا الوسطى على أنها محاولة لخلق توازن في مواجهة قوتين جيوسياسيتين هما روسيا والصين.

 

إن آسيا الوسطى مهمة ليس فقط بسبب احتياطياتها من النفط والغاز ولكن أيضاً كطريق يربط الهند بأوراسيا عبر أفغانستان. وحتى بعد وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان تبحث الهند عن حلول لوجستية في المنطقة. وكانت الهند تخطط للوصول إلى إيران عبر ميناء تشوباهار ومنها إلى آسيا الوسطى.

 

إن اعتماد أمريكا على الهند في آسيا والمحيط الهادئ في سياستها لاحتواء الصين هو أحد العوامل الجيوسياسية التي تدعم أنشطة الهند في آسيا الوسطى. ومن خلال هذه السياسة تثبت الهند لواشنطن أهميتها الاستراتيجية كـ"الجناح الشرقي" الخاص.

 

تعد أوزبيكستان التي تتطلع إلى أن تكون رائدة في السياسة الإقليمية أحد أهم شركاء الهند في آسيا الوسطى، لأن النظام الأوزبيكي بحكم موقع أوزبيكستان الجغرافي وميله إلى دعم المبادرات الغربية يجذب انتباه أمريكا وعملائها. ومع ذلك فهو لا يدرك أنه يقع في فخ الغرب المهلك. وشعب أوزبيكستان يدرك بشكل متزايد أن نظامه بقيادة ميرزياييف ليس قادرا على حمايته من براثن الدول الاستعمارية الكافرة وضمان حياة سلمية ومزدهرة.

 

في الحقيقة إن دولة الخلافة الراشدة هي وحدها القادرة على تحمل هذه المسؤولية والقيام بها على الوجه الأكمل وإخراج الناس من ظلم الرأسمالية إلى عدل الإسلام.

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.