Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يا أبناء الكنانة.. أليس فيكم وشق يغضب لله

فيكون غضبه ناراً تحرق كيان يهود وتنتصر لأهلنا في غزة؟

 

في حادثة لم تكن تخطر ببال أحد، تسلل الوشق المصري - هذا المفترس القادم من عمق الصحراء - إلى قاعدة عسكرية لكيان يهود، مهاجماً جنوده، ومثيراً الذعر بينهم، وكأن هذا المخلوق بفطرته أدرك ما لم يدركه كثير من البشر! وكأن الله سبحانه وتعالى أرسله ليوقظ في النفوس نداءً طال انتظاره، ويطرح علينا السؤال الذي لا يحتمل التأجيل: أليس فيكم وشق يغضب، فيكون غضبه ناراً تحرق كيان يهود، وتنتصر لأهلنا في غزة؟

 

هذا الوشق، لم يهادن ولم يختبئ، بل اندفع بفطرته السليمة مهاجماً جنود الاحتلال في قاعدتهم، حيث يتحصنون خلف أسوارهم، يحسبون أنهم في مأمن من أي تهديد. ولكنه أثبت لهم أن الخطر قد يأتيهم من حيث لا يحتسبون، حتى لو كان من مخلوق لا يملك إلا أنيابه ومخالبه! ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ

 

فإذا كان هذا الحيوان لم يحتمل وجود المحتل الغاصب ولا جرمه في حق أهلنا في الأرض المباركة، فكيف بكم أنتم يا أبناء مصر؟ يا أحفاد الفاتحين العظام، ويا من كنتم درعا لهذه الأمة وحماة لها ولمقدساتها، أليس بينكم من ينهض انتصاراً لأهلنا في غزة، الذين يحاصرهم العدو الغاصب؟ أليس بينكم من يغضب لله غضبة تجعل الأرض تهتز تحت أقدام الغاصبين؟

 

مصر، أرض الكنانة، التي قال عنها النبي ﷺ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ (يعني مصر)، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْراً فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً»، لم تكن يوماً إلا حصناً للإسلام وأهله، ودرعاً يحمي الأمة. يوم كان في مصر رجال لا ينامون على الضيم، كانت فلسطين عزيزة، وكانت أمتنا في عز ومنعة. يوم أخرجت الكنانة أبطالاً كصلاح الدين، كان المسجد الأقصى حراً شامخاً، لا يدنسه يهودي محتل، ولا تطؤه قدم غاصب.

 

ولكن، يا أبناء الكنانة، أين أنتم اليوم؟ أين نخوتكم التي كان يضرب بها المثل؟ غزة تحترق، ونساؤها يصرخن، وأطفالها يُقتلون، والعدو يجهّز لمحرقة تلو محرقة، بل يخطط لاقتلاع أهلها من أرضهم ودفعهم إلى التهجير القسري. فهل ترضون أن تكونوا شهوداً على ذلك؟ هل ترضون أن يقال: كان في مصر جيش، فلم يتحرك! وكان فيها رجال، فلم يغضبوا لله؟!

 

يا جند مصر، يا أحفاد الفاتحين، أليس بينكم رجل رشيد؟! أليس بينكم من يغضب لغزة كما غضب الوشق؟ أليس فيكم من يثور لعرض المسلمات، كما ثار المعتصم يوم صرخت امرأة في عمورية "وا معتصماه"؟

 

يا أبطال جيش الكنانة، أنتم اليوم أمام امتحان التاريخ، وأمام مسؤولية عظيمة، فإن كنتم حقاً حماة الأمة، فالأمة اليوم تطلب منكم نصرة غزة، وإن كنتم حقاً أبناء عقيدة، فالعقيدة تأمركم أن تهبّوا لتحرير فلسطين، لا أن تصطفوا خلف معاهدات الذل والخنوع.

 

ولتعلموا أن نصرة أهلنا في غزة ليست ترفاً ولا مسألة سياسة أو مصالح، بل هي فرض وواجب شرعي، يأثم كل من تخاذل عنه. قال الله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ. وأي استنصار أبلغ مما يحدث اليوم في غزة؟ وأي عدوان أشنع مما يفعله يهود في فلسطين؟

 

إن لسان حال أهلنا في غزة يستغيث بكم قائلا:

 

أخي في الله أخبرني متى تغضب؟

إذا انتهكت محارمنا؟! قد انتهكت.

إذا ديست كرامتنا؟ لقد ديست.

إذا لله، للإسلام، للحرمات لم تغضب؟ فأخبرنا بلا خجل لأية أمة تنسب؟

 

أيها المخلصون في جيش مصر، إن كنتم تريدون الجنة، فإن طريقها واضح، طريقها الجهاد في سبيل الله، طريقها الدفاع عن المسجد الأقصى، طريقها التصدي لعدو الأمة الذي أذلّ المسلمين واستباح دماءهم.

 

لقد انطلق الوشق وحده.. فأين أنتم وماذا أنتم فاعلون؟

 

إن هذا الوشق لم ينتظر إذناً من أحد، ولم يحتج إلى اجتماع دولي، ولم يطلب تصريحاً من الأمم المتحدة، بل تحرك بغيرته الفطرية، فجعل جنود الاحتلال يرتعدون رعباً، فماذا لو تحركت جيوش الأمة؟ ماذا لو قرر جيش مصر أن يكون في مقدمة الجيوش التي تزحف لتحرير فلسطين؟

 

يا أبناء الكنانة، كفى صمتاً، وكفى تأجيلاً، وكفى انتظاراً! فإن لم تتحركوا اليوم، فمتى ستتحركون؟ إن لم تغضبوا اليوم، فمتى ستغضبون؟ غزة لا تحتاج إلى بيانات الشجب والاستنكار، بل تحتاج إلى جيوش تزحف، إلى سيوف تُستل، إلى رجال يقتحمون الحدود كما اقتحمها الوشق، ولكن ليس ليموتوا كما مات، بل لينتصروا كما انتصر صلاح الدين.

 

يا أبناء الكنانة، إن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، ولا أخبار عابرة، إنها قضيتكم، إنها أرضكم، إنها مقدساتكم، فهل تقبلون أن تبقى أسيرة بيد شرذمة من القتلة والمحتلين؟

 

إن الوقت قد حان ليتحرك الرجال، لينهض الأحرار، ليغضب الوشق البشري فيكم، فيكون غضبه ناراً تحرق كيان يهود، وتجعلهم يندمون على اللحظة التي ظنوا فيها أنهم قادرون على البقاء.

 

أيها المخلصون، إن كنتم تريدون الجنة، فدونكم فلسطين، دونكم الأقصى، دونكم غزة، فازحفوا إليها، فلا عز إلا بالجهاد، ولا كرامة إلا بالمواجهة، ولا نصر إلا من عند الله، ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ. فاللهم اجعل لنا من بيننا وشقاً يغضب، فيكون غضبه ناراً تحرق يهود، وتكون فلسطين على يديه حرة عزيزة كما أرادها الله، وشقاً يقتلع نظام العمالة الذي يحمي يهود ويجعل مصر خلافة راشدة على منهاج النبوة، توحد الأمة وجيوشها لاقتلاع الكيان الغاصب وحماية أهلنا في الأرض المباركة.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.