- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أعجزتم أن تكونوا مثل هذا الوشق فتنصروا أهل غزة وتحرروا الأرض المباركة؟
بينما تخلد الجيوش في أوكارها، وتصطف الأنظمة في طوابير التبعية، وتسود الخيانة كل مشهد من مشاهد نكبة الأمة، يخرج وشق مصري ليكون أشد غيرة، وأصدق شهامة من أمة المليار ونصف المليار مسلم! يقتل جنود الاحتلال بدم بارد، بلا خوف أو تردد، وكأنه أراد أن يوقظ الغافلين، ويفضح المتخاذلين، ويقول للناس: هكذا تُستردّ الحقوق، وهكذا يُطرد المغتصبون، وهكذا يُنتصر للمستضعفين.
بين الوشق والغراب.. هل من متعظ؟
حين قتل قابيل أخاه هابيل، وقف أمام جثته عاجزاً لا يعرف كيف يواريها، فأرسل الله غراباً ليعلّمه كيف يدفن سوءة أخيه. فكان الغراب معلماً لهذا القاتل الذي لم يكن يدري ماذا يفعل بجريمة يديه. واليوم، وقد تلطخت أيدي كيان يهود بدماء أهل غزة، وتعالت صرخات المستضعفين، وتكاثرت المقابر الجماعية، ولم يبق من بيوتهم إلا الركام، أرسل الله وشقاً ليذكّر أمة الإسلام بما يجب عليها أن تفعله.
ولكن، هل نتعلم الدرس؟ أم سنظل كقابيل، نحدق في الجريمة دون أن نحرك ساكناً؟
كما أرسل الله الغراب ليعلّم ابن آدم كيف يدفن أخاه، أرسل الله هذا الوشق ليعلّمنا كيف يكون الردّ على جرائم يهود. فما بالكم، يا أهل مصر، يا جند الكنانة، تعجزون عن القيام بما فعله هذا الوشق، وأنتم من أنتم؟ أصحاب الجيوش الجرّارة، وسليلو الفاتحين والقادة العظام؟!
هذا الوشق يعطي درساً في العزة لجيوش صمتت عن نصرة غزة، فحينما تسلل هذا الوشق إلى الأرض المحتلة، لم يحتج إلى قرار سياسي، ولا تفويض أممي، ولا مبادرة تفاوضية، ولا ضوء أخضر من قوى الاستعمار. لم يقف على أبواب المعابر ينتظر إذناً للعبور، ولم يبع عرضه مقابل اتفاقيات أمنية. بل فعل ما كان يجب أن يفعله جيش الكنانة منذ عقود: انقضّ على العدو فقتل منه من قتل، ثم عاد إلى مأمنه سالما.
لقد باتت هذه الواقعة، التي قد يراها بعض الناس صغيرة، أعظم من كثير من بيانات الشجب والاستنكار، بل هي أبلغ من مواقف الحكام وجيوشهم التي لم تحرك ساكناً رغم مذابح غزة. إنها صرخة مدوية في وجه قادة الجيوش، ورسالة واضحة لكل من يظن أن الاحتلال قد يُهزم بالمفاوضات.
يا جند مصر، يا أهل الكنانة، أما آن لكم أن تستيقظوا؟ أما آن لكم أن تعيدوا النظر في دوركم ووظيفتكم؟ أما آن لكم أن تسيروا على خُطا هذا الوشق، فتكونوا سيف الأمة المسلول على رقاب المغتصبين؟!
هل أصبحتم أضعف من وشق؟!
يا أبناء الأمة الإسلامية، أي عار يلحق بكم الآن؟ أما تشعرون بالخزي؟
كيف يعلّمكم حيوانٌ مفترسٌ معنى الغيرة على الأرض والأهل والعرض والمقدسات، بينما جيوشكم تُكبّلها أوامر الحكام العملاء؟ كيف يتحرك هذا الوشق ليقاتل العدو بلا تردد، بينما جيوشكم تمتلك الطائرات والصواريخ والمدرعات، لكنها لا تتحرك إلا بأمر أسيادها في واشنطن وتل أبيب؟ كيف يقتل هذا الوشق من احتل أرضكم، واغتصب مقدساتكم، بينما جيوشكم تحرس سفاراته وتنسق أمنياً معهم؟ إن كنتم ترفضون أن يكون الوشق أعزّ منكم، وأشجع منكم، وأوعى بمسؤولياتكم منكم، فاجعلوا غضبكم هذا وقوداً لحراككم. اجعلوا هذا الوشق مثالا، وكونوا مثله في الإقدام والجرأة، واضربوا العدو ضربة تنهي وجوده من أرض الإسراء والمعراج!
يا جند الكنانة، يا خير أجناد، يا أحفاد خالد بن الوليد، وصلاح الدين، وقطز!
أما سئمتم حياة الذل التي فرضها عليكم الحكام العملاء؟ أما مللتم من مشاهدة إخوانكم في غزة يُذبحون وأنتم في موقف المتفرج؟ أما ضجّت ضمائركم من أن تتحولوا إلى حراسٍ لحدود رسمها الاستعمار ليمنعكم من تحرير أرض الإسلام؟
اعلموا أن أي جندي يقف مكتوف الأيدي أمام المجازر في غزة، وقدرته في يده، فهو آثم أمام الله، مسؤول عن كل قطرة دم سالت. وأي قائد في الجيش يبرر لنفسه البقاء في ثكناته، بينما غزة تُباد، فهو شريك في الجريمة. وأي ضابط يخشى على منصبه أكثر من خشيته من الله، فقد خسر الدنيا والآخرة.
وإن كان حاكمكم العميل قد ربطكم بقيود كامب ديفيد واتفاقيات الاستسلام، فهل تقبلون أن تكونوا عبيداً لقراراته، بينما هو عبد ذليل لنتنياهو وترامب؟
إن تحرير فلسطين فرض عليكم لا خيار لكم فيه، ففلسطين ليست قضية شعب محاصر، وليست مأساة إنسانية تحتاج إلى مساعدات إغاثية، بل هي أرض إسلامية محتلة، والجهاد لتحريرها فرض على كل مسلم، وخاصة على جيوش المسلمين، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾، وقال رسول الله ﷺ: «...وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلّاً لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ». فهل ترضون بالذل؟ هل تقبلون أن تسجلكم كتب التاريخ كأمة كانت جيوشها من أكبر الجيوش، لكنها لم تتحرك لإنقاذ شعبها في غزة؟!
يا أهل مصر: أليس فيكم رجل رشيد؟
يا أهل مصر، يا أبناء الكنانة، أنتم أهل النخوة والمروءة، فلا تكونوا أقل شأناً من وشق تحرك لقتل المحتلين، بينما أنتم تنظرون إلى أطفال غزة يموتون جوعاً وقهراً ولا تفعلون شيئاً! اضغطوا على جيشكم ليقوم بواجبه، وليتحرك لتحرير فلسطين، فهذا جيشكم وليس جيش الحكام العملاء! ولا تسمحوا للأنظمة العميلة أن تبيع قضية فلسطين في سوق المفاوضات، ففلسطين ليست للمساومة، ولا للحلول الدبلوماسية، بل للتحرير الكامل! فأعلنوا غضبكم، واصدعوا بالحق، ولا ترضوا بأن تكونوا أمة تُحكم بالحديد والنار، بينما العدو يتمتع بالأمن والأمان على أرضكم!
كونوا كالوشق.. ولا تكونوا كالنعاج، فقد آن الأوان لأن تتحولوا من أمة تشجب وتستنكر، إلى أمة تقاتل وتجاهد وتحرر. لقد آن الأوان لأن يتحرك جند مصر، ليس لحراسة الحدود، بل لنسفها، والزحف إلى الأرض المباركة! لقد آن الأوان لأن يكون الغضب ناراً تحرق كيان يهود، لا مجرد مشاعر تموت في الصدور!
يا جند مصر، يا أهل الكنانة، إن لم تتحركوا اليوم، فمتى؟ وإن لم تغضبوا الآن، فمتى؟ وإن لم تقودوا الأمة إلى النصر، فمن؟! "والله إن الموت في سبيل الله أهون من حياة الذل تحت أقدام يهود!"
﴿إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود الليثي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر