- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
غزة بين الحصار الخانق والتجويع الممنهج والواجب الشرعي على الأمة وجيوشها
منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، تعيش غزة واحدة من أشد الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، حيث أُحكم الحصار على أكثر من مليوني إنسان، تُركوا فريسة للجوع والعطش والمرض والدمار. تقارير الأمم المتحدة ومنظمة أطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات الإنسانية تؤكد أن سكان غزة يواجهون مجاعة جماعية، مع تسجيل وفيات لأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف، ونفاد الدواء والغذاء.
وقد تراكمت آلاف الشاحنات على الجانب المصري في سيناء، تحمل مساعدات إنسانية وغذائية، دون السماح لها بالعبور، ما أدى إلى تعفن الطعام وفقدان الأدوية صلاحيتها، بسبب إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني الذي تحتله قوات الاحتلال منذ أيار/مايو 2024، وتواطؤ النظام المصري الذي أبقى على غلقه.
منذ عام 2007، تتحمل مصر مسؤولية شراكة مباشرة في حصار غزة عبر إغلاق معبر رفح أو التحكم المشروط بفتحه. وقد سيطرت دولة الاحتلال على الجانب الفلسطيني من المعبر، لكن الجانب المصري لا يزال تحت سيطرة النظام المصري الذي يرفض فتحه إلا بشروط سياسية تتعلق بالسلطة الفلسطينية وحركة حماس. وهذا ما يجعل النظام المصري، شرعاً وسياسة، شريكاً في الجريمة.
وقد صرّح مسؤولون مصريون بأنهم ينتظرون إذناً من الكيان الغاصب لإدخال الجرحى والمساعدات، ما يُظهر التبعية المهينة لعدو غاصب، ويكشف أن السيادة المصرية مفرّط فيها بإرادة النظام نفسه.
لم يقف المسلمون في مصر مكتوفي الأيدي، بل خرجت مسيرات ووقفات عند معبر رفح تندد بالحصار وتطالب بفتح المعبر، إلا أن النظام المصري واجهها بالقمع والاعتقال والترحيل، كما حدث مع نشطاء "المسيرة العالمية نحو غزة"، الذين منعهم من الوصول إلى العريش واحتجز بعضهم وتعرض آخرون للاعتداء والطرد. وقد أفادت وكالة رويترز في تقريرها المنشور بتاريخ 17 حزيران/يونيو 2025 أن نشطاء مشاركين في المسيرة أكدوا تعرضهم للضرب على يد رجال أمن بملابس مدنية في القاهرة، وأن بعضهم احتُجز لأيام دون تمكينهم من التواصل مع سفاراتهم، وتم ترحيلهم قسرياً، فيما تم منع العشرات من الوصول إلى سيناء وتمت إعادتهم إلى بلدانهم.
إن النظام الذي يغلق المعبر، ويتعاون مع الاحتلال، ويمنع الإغاثة، ويقمع المحتجين، هو نظام خائن لله ورسوله والمؤمنين. وهو نظام لا شرعية له، بل يجب على الأمة العمل لإزالته وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تنصر المسلمين وترعى شؤونهم وتحمي أرضهم ومقدساتهم.
كما تداولت وسائل الإعلام أخباراً عن بيان صادر من الأزهر يندد بالحصار، لكنه حُذف لاحقاً من المواقع الرسمية، دون توضيح أو تعقيب، ما يدل على ضغوط سياسية مورست على الأزهر لإسكاته. ثم خرجت تصريحات صفيقة، تدعو للسلام ووقف العدوان دون توجيه اتهام واضح للنظام أو تحميله المسؤولية. وهذا يُظهر التخاذل المؤسسي والارتهان الكامل لإرادة النظام، وهم من يجب عليهم قيادة الناس وتوعيتهم حول ما يجب عليهم تجاه أهل الأرض المباركة وتحريض الجيوش على التحرك لنصرتهم وبيان ما أوجبه الله عليهم.
إن إنقاذ غزة من المجاعة ومن الحصار، لا يكون عبر المؤتمرات والبيانات، بل بالجهاد في سبيل الله لاقتلاع كيان يهود من جذوره.
إن فلسطين هي أرض إسلامية مباركة، وهي أرض خراجية ملك لكل الأمة لا يجوز التنازل عن شبر منها، وإن تحريرها واجب شرعي على كل مسلم. وأي حل لا يشمل تحريرها كاملة، وإزالة الكيان الغاصب، هو حل مرفوض شرعاً. وكل أرض إسلامية كأرض فلسطين إذا اعتدي عليها صار الجهاد فرض عين على أهل تلك الأرض حتى تحصل بهم الكفاية ويرد العدو عنها، فإن لم تحصل بهم الكفاية وتغلب العدو عليهم وصارت تلك الأرض تحت سلطانه وصارت رعاية شؤونها بيده وصار واقع أهل تلك الأرض واقع الأسرى سقط عنهم فرض الجهاد وقتال العدو وانتقل عنهم فرض العين هذا إلى من يلونهم ثم من يلونهم حتى تحصل الكفاية ويرد العدو الصائل وإن بلغ فرض العين الأرض كلها. يقول الكاساني في بدائع الصنائع: (وإن ضعف أهل ثغر عن مقاومة الكفرة، وخيف عليهم من العدو، فعلى من وراءهم من المسلمين الأقرب فالأقرب أن ينفروا إليهم، وأن يمدوهم بالسلاح والكراع والمال؛ لما ذكرنا أنه فرض على الناس كلهم ممن هو من أهل الجهاد، لكن الفرض يسقط عنهم بحصول الكفاية بالبعض، فما لم يحصل لا يسقط).
فالواجب الآن على جيوش مصر وتركيا وباكستان والأردن وسائر بلاد المسلمين أن تنطلق لتحرير فلسطين كلها، وليس فقط إدخال بعض الشاحنات! ففلسطين ليست ملفاً إنسانياً، بل قضية عقدية، أرض إسلامية مغتصبة، لا تحرر إلا بالجهاد. قال ﷺ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» (رواه أبو داود).
أيها المخلصون في جيش الكنانة: إن حكامكم يشاركون فعليا وعمليا في إبقاء كيان يهود، وهذا ليس غريبا عليهم، فهم الذين ساعدوا في إيجاد هذا الكيان المسخ في قلب الأمة الإسلامية. أما الغريب حقا فهو موقفكم يا أبناء الجيوش! لماذا لا تزالون مصرين على ضبط النفس وإخوانكم يذبحون كما تذبح الشاة؟! لماذا لا تزالون متمسكين بحدود سايكس بيكو التي فرقت ومزقت أبناء الأمة الواحدة؟! يا أجناد الكنانة! أين مفاهيم الإسلام التي تجعل الحرب على أي مسلم حربا على كل المسلمين؟! فاعلموا أن حرب المسلمين واحدة وسلمهم واحد، وأن الله سبحانه يفرض عليكم أن تنفروا خفافا وثقالا لنصرة إخوانكم في غزة وغيرها، فإلى متى تتحركون في كل مكان إلا في سبيل الله ونصرة الإسلام والمسلمين؟! فاخلعوا عنكم طوق الحكام العملاء وكونوا مع المخلصين العاملين لتطبيق الإسلام من جديد أنصارا وعونا وسندا ليصل الإسلام بكم إلى الحكم كما أراد الله ويرضى لكم، وأعلنوها معهم خالصة من جديد خلافة راشدة على منهاج النبوة تكونون أنتم أنصارها كأنصار الأمس وتتحركون بها ومعها نحو تحرير كامل فلسطين وكل أرض الإسلام المحتلة وتحوزون فضل الأنصار وشرفهم، فاللهم هيئ للأمة وحزبها الرائد ومشروع دولتها الحضاري أنصارا يبايعون على اقتلاع تلك الأنظمة واستعادة سلطان الأمة ودولتها من جديد؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة.
اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويحكم فيه بكتابك وتقام فيه دولتك، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، وتُحرر فيه فلسطين وسائر بلاد المسلمين.
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعيد فضل
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر