الثلاثاء، 25 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

أيها المسلمون: إغلاق غرف الصلاة هو اعتداء على الإسلام

ويجب أن يُواجَه بالمقاومة السياسية الجماعية القوية

 

 

 

بعد تركيز سياسي سلبي على غرف الصلاة، قررت إدارة جامعة كوبنهاغن في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر إغلاق ما يُسمّى بـ"غرف الهدوء"، والتي استُخدمت على مدى أكثر من عشرين عاماً، دون أي مشاكل، من قبل طلبة وموظفين - من المسلمين - لأداء الصلوات اليومية. وقد أدّى هذا القرار مرةً أخرى إلى إثارة نقاش حول هذه الغرف، وحول ما إذا كان ينبغي أن يكون هناك متّسع للمسلمين لأداء صلواتهم في المؤسسات التعليمية.

 

وفي وقت سابق من هذا العام، أقدمت جامعة جنوب الدنمارك في أودنسه على إغلاق "غرفة التأمل" التابعة لها، وذلك عقب جدلٍ دار حول كون الغرفة تُستخدم في المقام الأول من قبل المسلمين، وأنها لم تعد تُعتبر "محايدة".

 

إن هذه القرارات الصادرة عن إدارات الجامعات هي دون أي شك نتيجة لضغوط سياسية معادية للإسلام تكثّفت في السنوات الأخيرة في موضوع غرف الصلاة تحديدا، وقد مارستها جهات سياسية بارزة، من بينها رئيسة الوزراء، وذلك بادعاءات كاذبة تزعم أن هذه الغرف قد استُغلّت لممارسة القمع بحق الفتيات المسلمات ولما يُسمّى بـ"الضبط الاجتماعي".

 

ولقد استغلت رئيسة الوزراء، مِتّه فريدريكسن، يوم الدستور في الصيف لممارسة نوع من الاستبداد القِيَمي والرقابة السلطوية ضد المسلمين، إذ صرّحت لوكالة ريتساو في 5 حزيران/يونيو بأن وجود غرف صلاة في عدد من المؤسسات التعليمية يُعدّ "أمراً مثيراً للانتقاد"، بحجّة أن على الطلبة أن يكونوا "أحراراً من الضغط الديني". وأضافت: "لا يمكن تحقيق ذلك إذا وُجدت، على سبيل المثال، غرفة صلاة للمسلمين ينبعث منها ضبط اجتماعي وقمع داخل المؤسسات التعليمية".

 

وفي الوقت نفسه، أعلنت أن على وزراء المدارس والتعليم أن يوضّحوا، من خلال الحوار مع الجامعات، أنه لا ينبغي وجود غرف صلاة في المؤسسات التعليمية. وإضافةً إلى ذلك، سعت رئيسة الوزراء إلى توسيع حظر النقاب الصادر عام 2018 ليشمل أيضاً المؤسسات التعليمية.

 

وإذا كان لا يزال هناك أي شكّ حول ما يستهدفه الهجوم السياسي على غرف الصلاة، فقد أوضح وزير الاندماج السابق، كوره ديبفاد بيك، في تصريحه لهيئة الإذاعة الدنماركية (DR) على خلفية إغلاق الغرفة في جامعة جنوب الدنمارك، أن غرف الصلاة "تخلق فضاءً لثقافة قديمة الطراز لا تمتّ بصلة إلى الكيفية التي يعمل بها المجتمع الدنماركي اليوم".

 

وفي ظلّ مثل هذه التصريحات الشيطانية الصادرة من أعلى المستويات السياسية في البلاد، وما تلاها من "حوار" مع أجهزة الدولة، وجدت إدارات الجامعات في أودنسه وكوبنهاغن نفسها مضطرّة إلى الدوس على كرامتها، وكذلك على ما تدّعيه من مُثلٍ تتعلّق بالشمولية والتنوّع، لتتحوّل إلى أذرعٍ تنفيذية ممدودة للحكومة في حملتها السياسية الصليبية ضد الهوية والقيم الإسلامية.

 

أيها المسلمون: إن إغلاق الغرف المخصّصة لأداء الصلاة في الجامعات ليس أمراً عارضاً ولا مسألة إدارية بحتة، بل هو جزء من مسار سياسي يقوم على التضييق المنهجي على حقوق المسلمين، ويشكّل اعتداءً على الإسلام في الفضاء العام. فعلى مدى سنوات، جرى التشكيك في قيمنا وممارساتنا الإسلامية، وتصويرها بوصفها مشكلة، وجعلها هدفاً لقوانين تمييزية وخطاب كراهية. واليوم يأتي الدور على الصلاة؛ أحد أركان الإسلام التي لا تقبل المساومة.

 

ومن الضروري التأكيد هنا على أن هذه القضية لا تخصّ الطلبة المسلمين وحدهم، ولا تمثّل صراعاً يُفترض بهم خوضه منفردين.

 

إن إغلاق غرف الصلاة يأتي وفق المنطق السياسي ذاته الذي يقف خلف قانون الأئمة، وحظر النقاب، والمقترحات عن حظر الحجاب في المدارس الابتدائية، وغيرها من الإجراءات التمييزية الموجّهة ضد المسلمين في الدنمارك.

 

إنها استراتيجية مكشوفة تماماً: يتمّ اختبار حدودنا، وقياس نبضنا، وإطلاق بالونات اختبار. فإذا لم تُواجَه بردّ فعل واضح وحازم، تُجعل هذه الإجراءات دائمة، ويمضي الساسة قدماً نحو الحظر أو الإكراه التالي. إننا أمام تضييق تدريجي ومتزايد الوضوح على عيش المسلمين وفق قيمهم.

 

وفي الوقت ذاته، تتشكّل في المجتمع ثقافة مقلقة من السلبية تجاه ممارسة المسلمين لشعائرهم، وعلى رأسها الصلاة، وهو واقع بات ملموساً بالفعل، على سبيل المثال في سوق العمل.

 

أيها المسلمون: كيف ينبغي أن يكون ردّنا على المحاولات المنهجية لخنق هويتنا الإسلامية؟

 

نحن بوصفنا مسلمين، لدينا خطوط حمراء يجب أن تكون مصونة وغير قابلة للمساس. والصلاة هي أحد هذه الخطوط الحمراء، وعندما يتمّ المساس بها، فإن ذلك يستوجب ردّاً واضحاً، جماعياً وعلنياً، يقوم على الإدانة والمواجهة والاحتجاج.

 

وينبغي لمساجد المسلمين، ومنظماتهم، وأصواتهم العامة أن تدرك أن عليها مسؤولية خاصة في التعبير عن موقف قوي وواضح عندما تتعرّض القواعد الأساسية للحياة الإسلامية وقيمها لهجوم. فإذا لم نتحرّك بوصفنا جماعة عندما تصبح حتى الصلاة موضع تشكيك وتجريم، فمتى إذاً؟

 

ومن المهم هنا التذكير بأن قيم الإسلام وأحكامه لا يمكن، ولا يجوز الدفاع عنها بالاستناد إلى مُثُل علمانية زائفة مثل "حرية التدين" أو ما يُسمّى بالقيم الليبرالية، والتي تتعارض في جوهرها تعارضاً أساسياً مع الإسلام. كما ينبغي أن نبقي نصب أعيننا أن سعي السياسيين وغيرهم من أصحاب النفوذ، بأسلوب منافق، إلى تقييد التزامنا بالإسلام، إنما هو تعبير عن إفلاس قيميّ وعدم تحمّل عميق للإسلام والمسلمين.

 

فيجب علينا أن ننطلق حصراً من الإسلام بوصفه الأساس لهويتنا، وكذلك لفعاليتنا السياسية وانخراطنا للمجتمع.

 

وإلى الجيل الشاب من المسلمين على وجه الخصوص، نوجّه رسالة واضحة: تمسّكوا بإسلامكم الطاهر، ولا تشعروا أبداً بأن عليكم الاعتذار عن أي جزء منه. لا تساوموا على هويتكم، مهما كانت التحديات التي تواجهونها. احموا قيمكم والتزامكم بالإسلام من خلال تعميق صلتكم بالله ﷻ، ومن خلال الوحدة والتماسك، وبمكافحة كل محاولة لانتزاع دينكم منكم.

 

اجعلوا الإسلام فوق كل شيء، وسيمنحكم الله ﷻ التوفيق والنجاح، في هذه الدنيا وفي الآخرة: ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :16 من جمادى الثانية 1447هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 07 كانون الأول/ديسمبر 2025م

حزب التحرير
الدنمارك

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع