المكتب الإعــلامي
البلاد الناطقة بالألمانية
التاريخ الهجري | 17 من محرم 1443هـ | رقم الإصدار: 1443 / 01 |
التاريخ الميلادي | الأربعاء, 25 آب/أغسطس 2021 م |
بيان صحفي
فشل السياسة الألمانية في أفغانستان
(مترجم)
بعد استيلاء حركة طالبان على القصر الرئاسي في 2021/8/15 بدون أية مقاومة، لم يبقَ أي خيار أمام الحكومة الألمانية سوى الاعتراف العلني بفشل سياستها المتعلقة بأفغانستان. فالانهيار الكامل لحكومة كابل العميلة الذي رافق تغير السلطة، يثبت بما لا يدع مجالاً للشك وجوب إعادة رسم السياسة الخارجية والأمنية الألمانية من الأساس، والانعتاق من التركيبة التحالفية الحالية غير المتكافئة. فلا يمكن لألمانيا أن تتجنب هزيمة أخرى وأن تبني علاقات جيوسياسية إيجابية مع البلاد الإسلامية، إلا عن طريق تبني توجه استراتيجي جديد.
فبالرغم من أن المحادثات العلنية الحالية تطغى عليها قضية إخلاء الرعايا الألمان والعناصر المحلية المتعاونة إلا أن نقاشاً أساسياً حول الاتجاه المستقبلي للسياسة الخارجية والأمنية الألمانية بدأت تتشكل معالمه في أروقة السياسة في برلين. فلم يسع ممثلي الحكومة إلا الإقرار بالنتيجة المخيبة لأطول مهمة عسكرية في تاريخ ألمانيا الاتحادية. فقد صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في 2021/8/16: "إن تطورات الأيام الأخيرة كلها شديدة المرارة، وستكون لها عواقب بعيدة المدى بالنسبة للمنطقة وبالنسبة لنا أيضاً. ولا يوجد مجال لتحسين الصورة من أية جهة، فجميعنا - الحكومة الاتحادية والمخابرات والمجتمع الدولي - قدرنا الوضع بشكل خاطئ...، وعلينا أن نطرح تساؤلات كثيرة في المستقبل - منها تساؤلات أساسية - والإجابة عليها". وبعد ساعات قليلة من هذا التصريح شككت المستشارة الألمانية ميركل علناً في الإطار العام للتركيبة التحالفية المتعلقة بالمهام العسكرية الغربية، وشككت أيضاً في أهدافها المرسومة، فقالت: "يجب أن يُعلم أن مهمة الناتو في أفغانستان ما كانت لتسمح بدور منفرد لألمانيا أو للقوى الأوروبية الأخرى". وإجابة على سؤال ما إذا كانت فكرة "بناء الأمم" ستبقى جزءاً من التصور العام للسياسة الألمانية، قالت المستشارة ميركل: "علي أن أقول بوضوح: يجب أن نطرح على أنفسنا هذه الأسئلة. فبينما استطعنا تحييد أفغانستان كقاعدة (للإرهاب)، إلا أن كل ما تبع ذلك من أمور لم يتحقق ولم ينجح بالشكل الذي كانت تعتزمه ألمانيا. لقد مكثنا في أفغانستان قرابة 20 عاماً، لم يتحقق خلالها ما كان مَرْجُوّاً، لذلك يجب أن يقال، إنها لم تكن مجهودات موفقة وإنه يجب أن تُسْتَخْلَص منها دروس...، نعم! يجب تقليص الأهداف في مثل هذه المهمات".
وفي 2021/8/21 شكك من جهته وزير الخارجية ماس بشكل صريح في سياسة البناء والتنظيم المرافقة للمهمات العسكرية، فقال: "كانت مهمة الناتو في الأساس هي ضمان عدم انطلاق أية عمليات (إرهابية) من الأراضي الأفغانية. ثم فجأة أصبحت المسألة تدور حول مستقبل أفغانستان... فهل مهمتنا هي تحقيق السلام والحفاظ على حقوق الإنسان؟ وهل يشمل ذلك أيضاً تصدير منظومتنا السياسية؟ هذا الأمر فشل في أفغانستان بكل تأكيد"! وكذلك انتقد ماس التركيبة الحالية للناتو وما يرافقها من توزيع للأدوار حيث قال: "بينما تصدر القرارات فعلياً من واشنطن، فإنه لا مجال لبروكسل من المشاركة فيها، بل هي تقوم بمهمة تنفيذها فقط"!
إن هذا التشكيك المتزايد في الاتجاه الحالي للسياسة الخارجية والأمنية الألمانية لا يقتصر على ممثلي الحكومة، فعلى سبيل المثال يقول الخبير في معهد العلم والسياسة ماركوس كايم تعليقاً على تهديد وزير الخارجية بإيقاف جميع أشكال المساعدات المالية في حال إقامة خلافة: "هذا لا يخدم سياسة ألمانيا الخارجية، ويؤدي بها إلى وضع مربك...، فلا يبدو لي أن هذه الوسيلة أداة فعالة للتأثير على طالبان من أجل تغيير سلوكها". وبحسب كايم، فإن الشعار الحالي المتلخص في: لا اعتراف ولا مفاوضات ولا مال، لا يمثل أي استراتيجية في التعامل مع حركة طالبان. ونظرا لفشل السياسة الألمانية في أفغانستان فقد تزايدت الأصوات في انتقاد مهمة الجيش الألماني في مالي أيضاً وانتقاد غياب استراتيجية ألمانية تجاه التغير المرتقب لميزان القوى في وسط آسيا.
والانتقاد الأكثر وضوحاً جاء من وزير المالية والخارجية السابق زيغمار جابريل حيث قال: "إن السياسة الخارجية ذات التوجه القِيَمي ومشروع "بناء الأمم" ذا الطابع المثالي قد فشلا فشلاً ذريعاً في العراق وأفغانستان. فعقدان من الزمن ومليارات من المساعدات المالية لم ينجحا - ولو بشكل مبدئي - في بناء أساس وطيد لهكذا مشروع. فما دامت الإرادة السياسية غير موجودة عند أصحاب الأرض والنخبة، فلا يمكن فرض الهيكل الديمقراطي من الخارج على البلد - ولا حتى بالوسائل العسكرية والمالية المكثفة. فبدلاً من الاستمرار في التمسك بمشروع "بناء الأمم" ينبغي التركيز بشكل أكبر على السياسة الواقعية، فهذا - في حال الشك - هو أفضل وأقل قسوة".
أمام هذا الفشل للسياسة الألمانية في أفغانستان وأمام النقاش الاستراتيجي الدائر في أروقة السياسة فإن حزب التحرير يدعو الحكومة الألمانية مجدداً إلى إعادة توجيه سياستها الخارجية والأمنية بحسب التطور الجيوسياسي الحاصل، والاستفادة من رأسمالها المتبقي في علاقاتها، لتطوير علاقة إيجابية مع البلاد الإسلامية. ومن أجل ذلك يجب على ألمانيا أن تتحرر من الارتباط الحالي بالمؤسسات الأطلسية وأن توقف جميع السياسات التي تستهدف الهيمنة الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية أو العسكرية، ليس فقط في أفغانستان بل وأيضاً في مالي وجنوب السودان وكوسوفو ولبنان وسوريا والأردن والعراق. وإذا لم يحصل ذلك فإن السياسة الاستعمارية الألمانية في البلاد الإسلامية سيتم إنهاؤها بإقامة الخلافة على أقصى تقدير، وستتحول إلى هزيمة شاملة، تفوق مذلتها إلى حد بعيد كل ما يصلنا من الصور والفيديوهات القادمة من أفغانستان.
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾
#أفغانستان Afganistan #Afghanistan#
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في البلاد الناطقة بالألمانية
المكتب الإعلامي لحزب التحرير البلاد الناطقة بالألمانية |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 0043 699 81 61 86 53 www.hizbuttahrir.today |
فاكس: 0043 1 90 74 0 91 E-Mail: shaker.assem@yahoo.com |