الأربعاء، 06 شعبان 1446هـ| 2025/02/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-02-05

 

جريدة الراية: دافوس 2025 وحقيقة التفاؤل بمستقبل المنطقة العربية

 

 

 

انعقد المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس بين يومي 20-24/1/2025 تحت عنوان خداّع "التعاون من أجل العصر الذكي"! واشترك العديد من رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والرؤساء التنفيذيين للشركات الكبرى وخبراء في المؤسسات العلمية والصناعية والبحث والفكر وإدارة الأعمال والجامعات الرائدة والنقابات العمالية ومنظمات غير حكومية، وذلك في عملية استعراضية لإثبات الريادة للغرب.

 

فهذا المنتدى أشبه بمؤتمر سياسي للنظام العالمي الذي يقوده الغرب الرأسمالي، يبحث أمورا متعددة ويستمع للكثير من أصحاب الآراء المختلفة لاحتوائها ولتوجيهها وجهته المعينة ليديم نظامه وقيادته للعالم.

ولهذا قيل "إن المنتدى يعقد على خلفية تحولات جوهرية تشهدها منطقة الشرق الأوسط". وقيل "ويبدي المدير التنفيذي للمنتدى ميريك دوسيك تفاؤلاً حذراً بمستقبل المنطقة، مشيراً إلى خفض التصعيد الذي شهدته في الأيام القليلة الماضية؛ مع وقف إطلاق النار في غزة وانتخاب رئيس في لبنان وطيّ سوريا صفحة نظام بشار الأسد. لكن ما يغذّي هذا التفاؤل هي الحيوية التي تزخر بها بعض اقتصادات المنطقة، لا سيّما اقتصادات الخليج".

 

وقال دوسيك "ستكون سوريا على جدول الأعمال هنا، نعلم جميعا التكلفة البشرية للصراع هناك، وتمر البلاد الآن بفترة انتقالية، ونأمل أن يكون لدينا ممثل عن سوريا. دعونا وزير الخارجية السوري ليكون هنا لفهم خططهم ومعرفة إلى أين يريدون أن يأخذوا البلاد؟ ما المسار الاقتصادي؟ ولكن أيضا ما المسار الاجتماعي؟ كيف ستكون البلاد شاملة للجميع؟ كيف ستكون العلاقات مع جيرانهم؟".

 

"وحدد دوسيك ملفين تندرج في إطارهما المشاركة العربية في أعمال المنتدى هذا العام: جيوسياسي واقتصادي وعلى الصعيد السياسي. ولهذا سيبحث موضوع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق الدفعة الأولى من الرهائن، والوضع الإنساني فيها. وسيدعو ممثلين عن الجانب الفلسطيني رئيس الوزراء، وعن الجانب الإسرائيلي الرئيس الإسرائيلي". "وسيدعو نائب الرئيس الإيراني ليستمع إلى آرائه هنا وسيشارك في الحوار".

 

والملف الثاني الذي تندرج في إطاره مشاركة السعودية، فتخلى دوسيك عن حذره راسما صورة أكثر إشراقا لمستقبل المنطقة. وقال "هناك حيوية يزخر بها بعض الاقتصادات في الشرق الأوسط، لا سيما في الخليج. وأعتقد أنه من المهم إدراك ذلك. وعندما نرى الاهتمام الدولي بالشرق الأوسط، أعتقد أنه من المهم أن نكون واضحين بشأن الفرص المتاحة وأين تكمن التحديات. لذا سيكون هناك جدول أعمال اقتصادي قوي للغاية فيما يتعلق بتوجهات الشرق الأوسط". وقال "خطط السعودية وخطط الإمارات وخطط قطر تسلط الضوء على بعض الأدوار المهمة التي تلعبها جميع هذه الاقتصادات في الجهود العالمية حول التجارة وحول التنمية، وبصراحة حول إعادة إطلاق النمو للاقتصاد العالمي".

 

فهذا تدخل سافر للغرب في شؤون المنطقة ومراقبة لما يحدث فيها لئلا تخرج من قبضته، ولتوجيهها الوجهة التي يريدها وتسخير إمكانياتها وقدراتها لحسابه، ولينقذ اقتصاده المتصدع بثرواتها الهائلة.

 

فهرول المسؤولون من المنطقة إلى المنتدى لطمأنة الغرب على تبعيتهم له وانخراطهم في منظومته.

 

ولهذا أبدى مدير المنتدى تفاؤله بمستقبل المنطقة العربية، وليس لأن هناك نهضة تحققت فيها وأمنت احتياجات شعوبها. فاقتصاديات دولها عموما متدهورة، والحالة المعيشية للناس سيئة، فمعدلات الفقر عالية في أغلبها. فكان هناك خوف لدى الغربيين من أن يحدث شيء في سوريا يقود للتغيير الحقيقي، وأن تثور الأمة وتسقط الأنظمة العميلة، وتنتصر لغزة، وتقضي على كيان يهود قاعدتهم المهمة بالمنطقة. فعندما لم يحدث مثل ذلك حتى الآن، فمن الطبيعي أن يبدي مدير المنتدى والغرب قاطبة تفاؤلهم بمستقبلهم في المنطقة بأنها ما زالت تحت السيطرة وبقبضتهم.

 

وأما إشارته لاقتصاديات الخليج، فلأنها مزرعة للغرب. فكل الاستثمارات تقريبا تصب في سلة الغرب. ولهذا أعلن الرئيس الأمريكي ترامب في خطابه أمام المنتدى عبر الفيديو أن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار بأمريكا، وسيطلب رفع المبلغ إلى تريليون دولار. فتقوم السعودية وتشتري سندات خزينة أمريكية وأسهما من الشركات الأمريكية وعملة رقمية خاصة وأن ترامب أطلق عملة رقمية باسمه. ومن ثم تشكو السعودية من قلة الأموال لديها فترهق كاهل الحجاج وتشجع الفسق والفجور لزيادة الواردات باسم الاستثمار بالسياحة! ومثلها تفعل الإمارات وتستثمر في الخارج وخاصة في أوروبا، وكذلك قطر التي أنفقت 220 مليار دولار على مشاريع رياضية تافهة بمونديال 2022 ملأت جيوب الشركات الأجنبية.

 

وهذه الدول لم تخطُ خطوة جادة لإحداث ثورة صناعية وتكنولوجية لتستغني عن الارتباط الخارجي وتتخلص من الهيمنة الغربية، ولا لتوزيع هذه الأموال لمستحقيها من أبناء الأمة الذين يعانون الأمرين، ولا لفرض عملتها في المعاملات الخارجية وتتخلى عن الدولار الذي يعتبر عاملا مهما لتأمين الهيمنة الأمريكية، والتخلي عنه يساعد في إسقاط هذه الهيمنة.

 

فهو تفاؤل للغرب وليس لأهل المنطقة ما دام هذا الوضع قائما على صورته وكما يريده الغرب.

 

الأصل أن يقيم المسلمون منتديات ومؤتمرات عالمية لتناقش أمور العالم من زاوية الإسلام وتظهر عظمته وصحة نظرته وحلوله لمشاكل الإنسان، وأن تكون الريادة للمسلمين ليقودوا العالم بهذه الأفكار، لا أن يأتوا إلى الغرب ليرضوه وليثبتوا أنهم غير خارجين عن طاعته ويتبنون حلوله للمشاكل ويشاركونه في رؤيته. فعندما سئل نائب الرئيس الإيراني جواد ظريف هل كانوا على علم بعملية طوفان الأقصى، رد بانفعال "إيران لم يكن لديها علم بهجوم ذلك اليوم، كانت تخطط لعقد اجتماع مع الأمريكيين يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر حول الاتفاق النووي، ولكن الهجوم أفشل المحادثات". وقال حول حرية المرأة: "يمكن رؤية النساء في شوارع طهران يتحركن دون غطاء الرأس، قررت الحكومة عدم الضغط عليهن". ووزير الخارجية السوري الجديد الشيباني يحاوره الخبيث بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق أمام المنتدى وليقول له ما يرضيه ويرضي الغرب: "رؤيتنا تلتزم بمشاركة جميع السوريين بلا استثناء في وضع مستقبل بلدنا". ولكن عندما تسلم ترامب الحكم أعلن أنه سيقيل 1000 من الموظفين الكبار لا يشاركونه رؤيته، هم رأسماليون يحافظون على النظام الرأسمالي، ولكنه لا يريد من يخالفه الرأي ولو في جزئية. أما في سوريا وغيرها من البلاد الإسلامية فيطلبون مشاركة غير المسلمين وعملائهم من العلمانيين، وينصاع لهم من لا يتمتعون بعقلية رجل الدولة، ولا يعرفون معنى الحكم، فلا يقولون للغرب ما لكم وشأننا؟! انصرفوا من بلادنا ولا تتدخلوا في شؤوننا، فلا يهرولون إلى دافوس وأخواته من المنتديات والمؤتمرات ويتزلفون الغرب ويرضونه ويطلبون مساعدته، إلا إذا لم يعملوا على ذلك وحملوا وجهة نظر الإسلام ليظهروا عظمته وصحة حلوله.

 

 

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع