المكتب الإعــلامي
البلاد الناطقة بالألمانية
التاريخ الهجري | 28 من شوال 1431هـ | رقم الإصدار: 019 |
التاريخ الميلادي | الخميس, 07 تشرين الأول/أكتوبر 2010 م |
الجدل حول الإسلام في ألمانيا
قال الرئيس الألماني كريستيان فولف (في خطابه حول الذكرى العشرين للوحدة الألمانية يوم الأحد الماضي) أنّ الإسلام أصبح جزءاً من ألمانيا. ولم يعجب هذا الكلام بعض السياسيين الذين وجهوا نقدهم للرئيس قائلين: إذا كان الرئيس يريد مساواة الإسلام في ألمانيا بالمسيحية واليهودية، فهذا خطأ. وعليه فقد قامت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" بالدفاع عن مقولة الرئيس بوضعها في سياقها، مع التأكيد على جذور ألمانيا المسيحية-اليهودية الممتدة عبر مئات السنين إن لم تكن عبر آلاف السنين. ولم تنس المستشارة تأكيد موقفها بعبارة أخرى فشدّدت على أنّ السيادة في ألمانيا للدستور وليس للشريعة.
إننا لا نفهم معنى تأكيد الساسة في ألمانيا على عراقة التقاليد المسيحية اليهودية ومدى تجذّرها.
فهل يعني الساسة، أنّ الثقافة الألمانية الحداثية هي نتاج التنوير المسيحي-اليهودي؟
ولكن، كيف يكون ذلك والكلّ يعلم أنّ حركة التنوير والحداثة بنيت على أنقاض هدم الفكر الديني المسيحي-اليهودي؟ وهل نهض الغرب إلا بعد أن تخلّص من الفكر المسيحي؟
أم يعني الساسة، أنّ رابطة الأخوة بين المسيحيين واليهود رابطة محبة متجذرة وممتدة عبر مئات السنين إن لم تكن عبر آلاف السنين؟
ولكن، كيف يكون ذلك والكل يعلم تاريخ العلاقة بين الاثنين، نعني بذلك الطرد والتهجير والتقتيل الذي تعرض له اليهود في أوروبا عبر مئات السنين إن يكن عبر آلاف السنين؟
أم يعني الساسة، أنّ ألمانيا قائمة على الاعتراف بالدين المسيحي-اليهودي؟
ولكن، كيف يكون ذلك والكل يزعم أن ألمانيا علمانية تفصل الدين عن الدولة؟
ثمّ، إذا كانت الهوية الألمانية تتمظهر في التقاليد المسيحية-اليهودية، فماذا يعني التأكيد على وجوب الاندماج والولاء لألمانيا، فهل معنى ذلك أن الساسة يريدون من المسلمين الولاء للثقافة المسيحية-اليهودية؟ أي يريدون من المسلمين التخلي عن هويتهم الإسلامية واعتناق الهوية الألمانية التي تعني التقاليد المسيحية-اليهودية؟
إننا لا نقول إنّ الإسلام جزء من ألمانيا ومن ثقافتها وهويتها، ولا نريد البحث في هذا الأمر؛ لأن القضية ليست دمج الإسلام في المنظومة الثقافية الألمانية، وليست دمج المسلمين في المجتمع الألماني بتخلّيهم عن دينهم واعتناقهم للهوية الألمانية المسيحية-اليهودية، إنما القضية هي: أنّكم تزعمون أن حضارتكم وثقافتكم قائمة على قيم التسامح والحرية، ومع ذلك فأنتم لا تقبلون الآخر في المجتمع إلا إذا أصبح مثلكم.
فالمشكلة إذن ليست في الإسلام ولا في المسلمين، ولا في اعتبار الإسلام كجزء من الثقافة الغربية أو اعتبار المسلمين كجزء من المجتمع الغربي، إنما حقيقة المشكلة هي في عدم قدرة هذه المبدأ الرأسمالي وهذا النموذج الديمقراطي على قبول المخالِف له.
وقريبا سيرى العالم بإذن الله تعالى نموذج الإسلام المثالي في دولة الخلافة القادمة، حيث لن نشترط على المسيحي أو اليهودي أو البوذي التخلي عن دينه للعيش في دولة الخلافة، بل سيعيش فيها ويحافظ على دينه ولن نجبره على تركه بحجة الاندماج؛ لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا فقال: "إنه من كان على يهودية أو نصرانية فإنه لا يفتن عنها".
ففي دولة الإسلام أنا أقبل الآخر كما هو، وفي دولة الديمقراطية أنا أقبل الآخر بشرط أن يصبح أنا.
شاكر عاصم
عضو ممثل لحزب التحرير في البلاد الناطقة بالألمانية
المكتب الإعلامي لحزب التحرير البلاد الناطقة بالألمانية |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 0043 699 81 61 86 53 www.hizbuttahrir.today |
فاكس: 0043 1 90 74 0 91 E-Mail: shaker.assem@yahoo.com |