المكتب الإعــلامي
البلاد الناطقة بالألمانية
التاريخ الهجري | 23 من ذي القعدة 1431هـ | رقم الإصدار: 30 |
التاريخ الميلادي | الأحد, 31 تشرين الأول/أكتوبر 2010 م |
ما علاقة الاندماج بالزواج القسري؟!
بعد جدل استمرّ لأشهر عبّر فيه ساسة ألمانيا عن عزمهم اتخاذ إجراءات حاسمة لتفعيل سياسة الاندماج، أقرّت الحكومة الألمانية أمس مسودة قانون هدفه التصدي للزواج القسري. ووفق هذا القانون الجديد، فإنّ هذا الزواج القسري عمل إجرامي يستدعي العقوبة بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. ولم تغب النزعة "الإنسانية" عن هذا القانون؛ إذ فكّر في ضحايا الزواج القسري وأعطاهم أو بالأحرى أعطاهنّ حقّ العودة إلى ألمانيا.
فما قيمة هذا القانون، وما هي فائدته؟
سؤال أجابت عنه وزيرة العدل (زابينه لويتهويسر - شنارنبرجر) حيث اعترفت بأنه لن يكون لهذا القانون تأثير ردْعي كبير، وبأن الملاحقة الجنائية لمرتكبي الزواج القسري ستظل أمرا صعبا.
فهذا القانون، يجرّم الزواج القسري، ولكن لا يستطيع إثباته. ولا نتصوّر أنّ موظفي الدولة الألمانية سيسافرون مثلا إلى قرية من قرى تركيا أو المغرب أو الأردن أو غير ذلك، لإثبات أن فتاة تزوجت بالإكراه. فهو قانون عديم الفائدة يضاف إلى مئات القوانين الألمانية.
إنّ المصادقة على هذا القانون جاءت في سياق اتخاذ الإجراءات الحاسمة للتصدي لرافضي الاندماج. ومن المعلوم أنّ التصدّي لرافضي الاندماج هو القضية المحورية للحكومة الألمانية كما زعمت الحكومة نفسها. ومن المعلوم أيضا، أنّ التصدّي لرافضي الاندماج يعني التصدّي لمن يحمل مفاهيم الإسلام ويعمل بها وحمله على الذوبان فيما يسمّى بالثقافة الألمانية المسيحية-اليهودية (كما تحبّ ميركل تسميتها). وهنا السؤال: ما علاقة هذا القانون برفض الاندماج؟
لو كان الإسلام يبيح الزواج القسري، لقلنا: إنّ هذا الحكم الإسلامي يتعارض مع القانون الألماني، ولهذا فإن الحكومة الألمانية تتصدّى له كمفهوم ثقافي إسلامي يناقض مفهوم الثقافة الغربية. ولكن، الكلّ يعلم أنّ "الزواج القسري" باطل في الإسلام أي لا يُعدّ زواجا. والكلّ يعلم أيضا، أن غالبية المسلمين في ألمانيا من الأتراك. والأتراك يعملون بالمذهب الحنفي الذي يبيح للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها أي لا يملك الولي عليها ولاية في الزواج. إذن من أين أتى مفهوم "الزواج القسري"؟ أتى من فكرة لا علاقة لها بالإسلام، فهي مخالفة للإسلام، ومخالفة أيضا للقانون الألماني.
فهل تهتمّ الحكومة الألمانية بعدم مخالفة الإسلام؟ بالطبع لا. فليس من المتصوّر أن تصدر الحكومة الألمانية قانونا يسجن من يشرب الكحول ويأكل الخنزير، وإن أصبح من المتصوّر عكس الصورة.
إذن فهي تهتمّ بعدم مخالفة القانون الألماني. ولكن، مخالفة القانون الألماني لا تقتصر على المسلمين، بل تشمل غير المسلمين، بل ساسة ألمانيا أيضا (تذكّر هلموت كول والحسابات السرية في سويسرا).
وهنا سؤال: إذا كان "الزواج القسري" لا علاقة له في حقيقة الأمر بصراع القيم أي صراع المفهوم الإسلامي مع المفهوم الألماني المسيحي-اليهودي، وهو مجرّد مخالفة لقانون ألماني، فلماذا يحشر في إطار الاندماج؟ فهل كل مخالفة يقوم بها المسلم تعبّر عن رفضه للاندماج؟
والجواب المنطقي: لا. وأما الجواب العملي الواقعي: فنعم؛ لأنّ هذا الاندماج الذي يطالَب به المسلم كرهاً، ويتحدّث عنه كل الساسة بل كل الناس، لا يعرف حقيقته وتعريفه أحد. ولا نظنّ أن أحدا سيعرّفه؛ لأنّ التعريف سيضبط الساسة والسياسة، وهو ما لا يحبّه ساسة الغرب ولا السياسة الغربية. لهذا سيبقى مفهوم الاندماج من المفاهيم المجرّدة المائعة التي تخوّل للحكومة الضغط على المسلمين ليتحقّق هدف صهرهم في بوتقة الثقافة المسيحية-اليهودية. وهذا مستحيل التحقّق؛ لأنّ ما فشلت فيه الحكومة بالترغيب، لن تحقّقه بالترهيب.
م. شاكر عاصم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير
في البلاد الناطقة بالألمانية
المكتب الإعلامي لحزب التحرير البلاد الناطقة بالألمانية |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: 0043 699 81 61 86 53 www.hizbuttahrir.today |
فاكس: 0043 1 90 74 0 91 E-Mail: shaker.assem@yahoo.com |