المكتب الإعــلامي
قرغيزستان
التاريخ الهجري | 23 من ذي الحجة 1446هـ | رقم الإصدار: 1446 / 06 |
التاريخ الميلادي | الخميس, 19 حزيران/يونيو 2025 م |
بيان صحفي
وما الله بغافل عما يعمل الظالمون
قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.
نرى أن أجهزة أمن الدولة في قرغيزستان تعتقل المجرمين الذين ارتكبوا جرائم متنوعة، واتهم بعضهم بالانتماء إلى عصابة إجرامية، فيما اتهم آخرون بالرشوة والقتل وتُهم أخرى مماثلة. فإذا كانوا متورطين فعلاً في مثل هذه الجرائم، فإنهم يُعتبرون أيضاً مجرمين بحسب الشريعة الإسلامية. ولكننا نشهد في الوقت نفسه أن هناك معتقلين لم يرتكبوا أي فعل إجرامي، ولكن تم اعتقالهم لمجرد دعوتهم إلى دين الله وقولهم "ربنا الله"! كما أنه يتم اعتقالهم بوحشية مثل المجرمين الحقيقيين، ويُزج بهم في السجون حيث يتعرضون للضرب المبرح وغيره من وسائل التعذيب "الحديثة". هؤلاء هم أعضاء حزب التحرير، والظالمون هم المسئولون الحكوميون وأجهزتهم الأمنية.
اختلقت قوى الغرب الاستعمارية الكافرة، التي تحكم العالم الآن، روايات مثل "الإرهاب" و"التطرف" لمحاربة الإسلام. أما في البلاد الإسلامية، فإن حكام المسلمين العملاء قاما بإصدار قوانين لمكافحة الإرهاب والتطرف لإرضاء أسيادهم الكفار. ونتيجةً لذلك، أصبح من يدعون إلى دين الله خارج "الإطار" الذي وضعته الدول العلمانية الديمقراطية "مجرمين" يُطلق عليهم وصف الإرهابيين والمتطرفين.
في الواقع، إن صراع الطاغوت ضد دين الله قائمٌ منذ قديم الزمان. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قصة فرعون كما وردت في القرآن الكريم. فقد تكبر فرعون بقوته ووصل به الكبر إلى حد ادعاء الألوهية، ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى﴾.
وإن زعماء الدول الكافرة اليوم لا يختلفون عن فرعون. ففي عهد فرعون، رأى السحرة معجزة موسى عليه السلام فآمنوا به، فقال لهم فرعون: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾.
وزعماء الكفر اليوم يُعلّمون الناس الإيمان بما يوافق أهواءهم، ويقولون: "يمكن لأي شخص أن يؤمن بأي دين يختاره. ومن أراد أن يعبد النار أو الأصنام أو الله وحده فله ذلك، بشرط أن يكون وفقاً لحرية المعتقد وفي إطار القوانين الديمقراطية، وأن تكون ممارسة الشعائر الدينية والالتزام بتعاليم الدين متوافقة مع مبادئ الديمقراطية". قال الله تعالى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾.
وقد هدد فرعون السحرة بالعقوبات بسبب عصيانهم لأوامره ووعَدَهم بالقتل والصلب بعد التعذيب وقال: ﴿فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى﴾. وقتل فرعون السحرة كما قال، ولكنهم ثبتوا على إيمانهم حتى لقوا الله تعالى شهداء، ولم يردّهم تهديد فرعون عن اتباع الحق، والثبات عليه. وهكذا ضعف عذاب فرعون تجاه إيمان المؤمنين، وبقي فرعون عاجزا في مواجهة الحق والإيمان.
إن الله يختبر الطغاة اليوم أمثال دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وشي جين بينغ بقوتهم وعظمة سلطتهم كما اختبر فرعون في التاريخ. ولذلك، فإن غطرستهم لا تقل عن غطرسة فرعون، وسيكون عذابهم بالقدر نفسه. ولكن الإسلام يقضي على غرورهم وكبرهم، لأنه جاء ليقضي على فساد أمثال هؤلاء، ولينقذ البشرية من ظلم أمثالهم.
هذا هو حال الطغاة الكبار في الغرب. ولكن ما الذي يحاول حكامنا تحقيقه من خلال محاربة الإسلام، وهم لا يمتلكون ما كان يمتلكه الطغاة العظماء؟ لماذا يبيعون دينهم بدنيا أسيادهم الكفار؟ هل يخونون دينهم من أجل تلك السلطات التافهة التي يسخر منها أسيادهم قائلين: "ستزول بضربة واحدة"؟!
نعم، إن هناك دافعاً فطرياً لدى البشر للسعي نحو السيطرة، وهذا الدافع جزء من الغريزة المتعلقة بالبقاء، وإذا لم تُقيَّد الغرائز بأوامر الله تعالى ونواهيه، فإنها تؤدي إلى الضلال. كثيراً ما نسمع مسؤولين حكوميين يدّعون أنهم يخدمون الشعب، بينما هم في الواقع، يستخدمونه للوصول إلى السلطة والحفاظ عليها. فإن أي مساعدة بسيطة تُقدّم للشعب انطلاقاً من الفطرة الإنسانية، لا تُعدّ خدمةً على مستوى الدولة. فإن الأمور التي تبدو تقدماً على مستوى الدولة ليست هي إلا خدمةً تُقدّم لتعزيز الحكومة.
أيها المسؤولون، نعم، أنتم لم تصلوا إلى السلطة بنية تطبيق أحكام الإسلام، ولكن فكروا في الأمر، لقد مضى في التاريخ فراعنة، وأباطرة... وقد حكموا لبضع سنوات فقط، ولكن عذابهم في الجحيم سيكون أبديا... ولن يُضاهي حكمكم حكمهم أبداً، لكن احذروا أن يكون عذابكم مثل عذابهم.
لقد اعتقلتم المسلمين وعذبتموهم. فلنفترض أنكم أبعدتم بعضهم أحياناً عن موقعهم، فماذا ستحققون بفعلكم هذا؟ أتظنون أنكم ستُرضون أسيادكم الكفار؟ ألا تأخذون العبرة من مصير زملائكم مثل صدام حسين ومعمر القذافي وبشار الأسد؟ أتظنون أنكم ترضون أغلبية الشعب؟ أكاييف وباكييف وآخرون أيضاً ظنوا أنهم يستطيعون إرضاء تلك الأغلبية... إن المجتمع نشأ على الرأسمالية، وما لم ينتفع بكم الكفار بانتظام فلن يكونوا راضين عنكم أبداً!
بالإضافة إلى ذلك، إنكم لن تستطيعوا إبعاد جميع الدعاة عن مواقعهم. فالمؤمنون الثابتون على إيمانهم ومواقعهم يظلون موجودين دائماً إلى يوم القيامة، وإن اختلفت أعدادهم باختلاف الزمان. فإذا مات آخرهم قامت الساعة. ولكن في هذا العصر، حين يعود الإسلام وتُسمع خطوات الدولة الإسلامية - كما وعد الله سبحانه وبشر رسول الله ﷺ - إنْ تراجع واحد عن موقعه أقسم آلاف ألا يتراجعوا عن مواقعهم، وإن استشهد واحد تبعه آلاف ينتظرون الشهادة. وقد رأيتم هذا في نماذج الشهداء الذين قدّمهم حزب التحرير حتى الآن.
إلى متى ستستمرون في التمسك بالقوانين التي اعتمدتموها في محاربة الإسلام لصالح سادتكم الكفار؟ بالأمس أعلنتم طالبان "إرهابيين"، تبعاً لسادتكم. واليوم تعترفون بحكومة طالبان تبعاً لسادتكم أيضا. ألا تستطيعون فعل ذلك بمحض إرادتكم؟ أليس لكم أيضاً حرية التوقف عن اعتقال الشباب الذين يأمرون الناس بالمعروف وينهونهم عن المنكر؟!
أيها المسؤولون الحكوميون، نود تذكيركم بما يلي بصفتكم إخواننا المسلمين. قال الله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾، وقال رسول الله ﷺ في الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا». وقال ﷺ أيضا: «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فبالتالي أيها المسؤولون الحكوميون ورجال أجهزة الأمن، توبوا إلى الله من ظلمكم لشباب حزب التحرير. قال الله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
والآن، رسالتنا إلى مسلمي قرغيزستان، الذين يشهدون هذه الظلم، وهم جزء من أمة محمد ﷺ: أيها المسلمون، إن لم تحاسبوا الحكومة على ظلمها، فإن غطرستها وظلمها وطغيانها سيزداد. وفي النهاية، سيدخل ظلمها وطغيانها إلى منزل كل واحد منكم.
وفي قصة فرعون المذكورة أعلاه، عبرة لكم أيضاً بالإضافة إلى المسؤولين الحكوميين. قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ﴾. وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. وقال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوُا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلَكَ عَذَّبَ اللهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ».
ولهذا السبب، أيها المسلمون في قرغيزستان، يا أبناء خير أمة أُخرجت للناس، ندعوكم إلى أن تقفوا ضد ظلم الظالمين، وأن توقفوا ظلمهم بأيديكم، وأن تحاسبوهم على ظلمهم. وإلا فقد حذرناكم من غضب الله وإن الله شهيد على ذلك.
ونود أن نوجه كلماتنا التالية إلى الأبطال الحقيقيين في عصرنا. يا حملة الدعوة إلى الإسلام! لقد كنتم أناساً تلقوا تربية ملحدة، ولكنكم انضممتم إلى صفوف المؤمنين بسبب استخدام عقولكم، وأصبحتم من المسلمين الصادقين المخلصين الذين تعلموا الإسلام مع فكرته وطريقته فسلكوا على هذا الطريق، بخلاف المسلمين الذين لم يتمكنوا من فهم الإسلام تماماً. عرفتم أن غايتكم هي رضا الله، كما أدركتم أن رضاه لا يتحقق إلا بتطبيق شريعته. لقد أصبحتم على يقين لا يرقى إليه الشك بأن الشريعة الإسلامية لا تُطبق بالكامل إلا في الدولة الإسلامية، كما أدركتم جيداً أن تحقيق رضا الله في عصرنا هذا، لا يكون إلا بالعمل لإقامة دولة الخلافة التي هي تاج الفروض. وقد وعدنا الله سبحانه بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة. إن التضحية بالنفس على هذا الطريق تُكافأ بدرجة الشهادة. فإذا تمسكتم بعقيدتكم، فستجدون أنفسكم تنتظرون الشهادة. وإذا وضعتم هدفكم نصب أعينكم، فستجدون أنفسكم صبورين مرتاحين مطمئنين.
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾. وقال سبحانه: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾. وقال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾. وقال: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. وقال: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في قرغيزستان
المكتب الإعلامي لحزب التحرير قرغيزستان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: http://hizb-turkiston.net |
E-Mail: webmaster@hizb-turkiston.net |