- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
مصلحة مَن يخدم الإسلامُ التقليدي؟
الخبر:
أقامت اللجنة الدينية والإدارة الدينية في اتجاه الالتزام بالإسلام التقليدي عدداً من الفعاليات في قرغيزستان خلال الأسبوع الماضي، وفي الوقت نفسه، تعقد اجتماعات في مناطق مختلفة لشرح قانون "حرية الدين والمنظمات الدينية". وكان الموضوع الرئيسي للاجتماعات هو التأكيد على ضرورة اتباع المذهب الحنفي والعقيدة الماتريدية من أجل مقاومة التطرف والإرهاب.
التعليق:
لهذا السبب، من الضروري التطرق إلى مصطلح "الإسلام التقليدي" ومسألة المذهبية التي تروج لها الحكومة.
لقد بدأ استخدام مصطلح "الإسلام التقليدي" في آسيا الوسطى، بما في ذلك قرغيزستان، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بهدف دمج أحكام وقيم الإسلام في بعض التقاليد. رغم أن "الإسلام التقليدي" كان موجوداً أيضاً خلال الحقبة السوفيتية، على سبيل المثال كانت هناك بعض الأحكام الشرعية الفردية، مثل النكاح والجنازة. وكانت هذه الأحكام تُدرّس إلى جانب التقاليد والعادات مثل "اختطاف فتاة مخطوبة"، "والأربعينية التي تقام للميت"، حتى تم تأليف كتب خاصة عنها.
ومع ذلك، بعد ظهور الرأسمالية في آسيا الوسطى، تم تقييد أحكام الشريعة بحجة "أنها دولة علمانية"، لأنه في الدولة العلمانية لا يتدخل الدين في السياسة، وقوانين الحياة لا تصدر فيها عن الشريعة، بل تصدر القوانين كلها من أعضاء البرلمان. ولا يجوز فيها استخدام الدين إلا في الأمور الشخصية مثل النكاح والجنازة والصلاة والصيام. إن الرضا عن ممارسة هذه الأجزاء من الدين فقط دون التدخل في السياسة والعيش بدعم القوانين التي أصدرها البرلمان يسمى "الإسلام التقليدي". المسلمون الذين يقولون ينبغي لنا أن نعيش وفق أحكام الشريعة وليس بالقوانين التي أصدرها البرلمان يُنعتون بـ"المتطرفين". وغني عن القول إن "الإسلام التقليدي" هو مشروع تم تكييفه لاستخدام الإسلام فقط في الأمور الشخصية، واتباعِ الخطوط التي رسمتها الحكومة.
في الواقع، من الخطأ الكبير ربط "الإسلام التقليدي" بالمذهب الحنفي. فلقد كان أبو حنيفة يعتمد في فقهه على العُرف المتوافق مع الإسلام، بالإضافة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والاستحسان. وهذا أمر يختص بالمجتهدين، ولا يعني أن العُرف في رأي أبي حنيفة أفضل من الشرع. بل على العكس من ذلك، فهو إذا كان موافقاً للشريعة فسيكون مصدرا للأحكام الشرعية عند أبي حنيفة.
وهنا يطرح سؤال على العلماء وموظفي الدولة الذين يتذرعون بالمذهب الحنفي، لماذا لا تطالبون باتباع المذهب الحنفي في الأمور الاقتصادية، كما تطالبون بإقامة الصلاة على مذهبه؟ على سبيل المثال، أوضح أبو يوسف رحمه الله وهو تلميذ أبي حنيفة، القضايا الاقتصادية في الإسلام على نطاق واسع، في كتابه "الخراج". ولكنكم بدلاً من ذلك تتبعون نظام الاقتصاد الرأسمالي والقوانين التي أقرها مجلس النواب على أساس الربا ونظامٍ ضريبي يشكل عبئاً ثقيلاً على كاهل الشعب! وما عقوبة الجرائم الجسيمة كالسرقة والزنا عند الحنفية؟ أم السياسة التعليمية عند الحنفية مبنية على الثقافة الغربية والتعليم المختلط؟ فهل نظام الحكم يجب أن يكون على أساس الإسلام أم على أساس النظام الجمهوري الديمقراطي عند أبي حنيفة؟
ولذلك فإن مصطلح "الإسلام التقليدي" هو مشروع نظام الكفر العالمي ضد الإسلام المبدئي. الإسلام عقيدة عقلية مكونة من الفكرة والطريقة. والفكرة الإسلامية هي العقيدة والمعالجات التي أعطاها الله لكل المشاكل التي نواجهها في حياتنا. والطريقة هي بيان الأحكام الشرعية التي تضمن وجود الفكرة في حياتنا. وبعبارة أدق، فهي بيان لكيفية تنفيذ المعالجات والمحافظة على العقيدة، وضعها الله للقضاء على كافة الجرائم في المجتمع، وهي بيان أيضا للأحكام الشرعية التي حددت طريقة لإعادة الإسلام إلى الحياة. ولا يجوز الدعوة للفكرة أو للطريقة بشكل منفصل. لأنه لا بد من ربط كل حكم بطريقته. على سبيل المثال، إذا ارتُكِبَت جريمة بين الناس، مثل السرقة، فتُقطَع يد السارق وفقا لطريقة الإسلام. وهذا يضمن للناس أن يَجِدوا رزقا حلالا للعيش وأن يبتعدوا عن السرقة. وفي "الإسلام التقليدي" الذي يتم الترويج له الآن لم يوجد نوع العقوبة التي ينبغي أن يعاقب بها السارق. وهذا يشجّع على اللجوء إلى قانون الكفر لمعاقبة هذه الجريمة. وهذا هو السبب الذي دفع الكفر إلى تطوير "الإسلام التقليدي". والغرض من ذلك هو الحفاظ على حالة خضوع الأمة الإسلامية للكفار، وبالتالي منع أية تغييرات جذرية. ومن المهام الأساسية لهذا المشروع وصفُ خضوع الأمة للكفر بالصبر، وتوسيع دائرة المسلمين الضعفاء العاجزين الذين لا يلتفتون إلى فساد الكفر. ولذلك لا يجوز لنا أن نسكت على مثل هذا المشروع، ولا بد من تركيز دعوتنا وجهودنا على الالتزام بالإسلام كاملا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممتاز ما وراء النهري