- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
إيران والمفاوضات مع أمريكا
الخبر:
أبدى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الثلاثاء، ارتياحه للمحادثات الأخيرة مع أمريكا، مؤكدا ثقته بموقف إيران لكنه شكك في نوايا أمريكا.
التعليق:
أولاً: إنّ إيران مصلحة حيوية كبرى لأمريكا، كيف لا وهي التي مكنتها من احتلال أفغانستان والعراق، وفي المحافظة على عميلها في الشام، ووقفت في وجه الأمة واستباحت الدماء والأعراض خدمة لها، وهذا القول ليس اتهاماً لها بل باعترافات من قادتها وعلى رأسهم الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني.
ثانياً: إن احتياج أمريكا لإيران قد قلّ بعد صعود قوى إقليمية - بعد أن أعطتها أمريكا دوراً كبيراً في الربيع العربي - ما جعلها تفكر في تحجيمها بشكل كبير والضغط عليها بقوة في عدة ملفات وقضايا كبيرة منها مثلا الملف النووي، والتخلي عن أذرعها، وكذلك موقفها المخزي في حرب غزة. فضلاً عن استغلال أثر العقوبات عليها وجعلها تميل إلى الضعف الشديد والقبول بكل شروط أمريكا، وقد استغل تيار روحاني وجواد ظريف سوء الأوضاع في إيران للقول بأن إيران بدون الانخراط في العلاقة مع الخارج "ستواجه أفولاً دائماً"، ولذلك فإنها تحتاج إلى استراتيجية وطنية، تستلزم إحداث حالة تحول ثقافي، وإشاعة العقلانية والوصول إلى فهم مشترك حول ماهية النظام الدولي.
كان واضحا أن منظِّري تيار روحاني قد وضعوا الاستثمار الخارجي كشرط لإحداث التقدم، ولا يمكن إغفال تأثيرات العقوبات على أهل إيران. وفي دراسة أجرتها أعظم رجبي لنيل درجة الماجستير في جامعة طهران بعنوان: "أثر العقوبات على الرفاه الاجتماعي للناس" كان الغرض الرئيسي للبحث هو دراسة تأثير العقوبات الاقتصادية على رفاهية الناس وكان محل الدراسة هو الأسر التي تقطن طهران، وجرى استهداف الشخص العائل لهذه الأسر. حيث تُظهر النتائج أن ظروف معيشة الناس قد ساءت بعد العقوبات، وانخفضت قوتهم الشرائية ودخلهم، وانخفض مقدار وصولهم لبعض السلع، فضلاً عن الظروف الصحية والطبية ونوعيتها التي تراجعت عمَّا كانت عليه قبل العقوبات.
ثالثاً: أرسل ترامب رسائل عدة لإيران مفادها "لنتفاوضْ بلا شروط" تحت التهديد بعمل عسكري يقوم به كيان يهود نيابة عن أمريكا، ورغم تصريحات قادة إيران بعدم الإذعان إلا أنها جاءت إلى المفاوضات في عُمان وهي تحمل تنازلات ضخمة، وهذا يدركه ترامب جيداً، ويدرك أيضاً حاجة إيران للخروج من العزلة ورفع العقوبات وخطورة الأعمال العسكرية عليها، وقد ظهر للجميع مدى نذالة إيران في تخليها عن حزبها في لبنان بعد الأحداث الأخيرة.
لذا جاءت إيران إلى المفاوضات وهي تريد الخروج من مأزقها بكافة السبل، وقد سبق لها أن قدمت تنازلات مذلة في مسألة الاتفاق النووي في عهد باراك أوباما حتى أفتى المرشد الأعلى (أن بلاده لم تسع مطلقاً إلى صنع أو استخدام الأسلحة النووية، التي تحرمها الشريعة الإسلامية بالرغم من امتلاكها تكنولوجيا نووية، مؤكدا أن إيران كان يمكنها أن تتخذ خطوة تطوير أسلحة نووية لكنها لن تقوم بها لأن استخدامها حرام).
ويبدو أن المفاوضات القادمة ستقدم فيها إيران تنازلات مذلة وخطيرة لترامب الذي عطل الاتفاق الأول حتى يحظى هو بتحقيق النصر في ملف إيران لأغراض دعائية وحزبية له، فضلا عن خطب ود قاعدته العريضة في بلاده التي تلتقي مع يهود في أفكار عقدية تجعلها أقوى من الاعتبارات السياسية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان