الثلاثاء، 25 جمادى الثانية 1447هـ| 2025/12/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
سجال بين أمريكا وأوروبا حول مصطلح محو الحضارة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سجال بين أمريكا وأوروبا حول مصطلح محو الحضارة

 

 

الخبر:

 

استخدمت إدارة ترامب مصطلح محو الحضارة، إشارة الى اندثار الحضارة الأوروبية، وذلك من خلال استعماله في استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي التي نُشرت الأسبوع الماضي، وادّعت أنّ الهجرة من بين عوامل أخرى ستؤدي إلى تدمير الحضارة الأوروبية، وتحويل القارة الأوروبية إلى شرق أوسط آخر. وزعم ترامب أنّه باستثناء بولندا والمجر فإنّ الدول الأوروبية لن تكون دولاً قابلة للحياة بعد الآن نتيجة للهجرة.

 

التعليق:

ردّت الغارديان البريطانية على اتهامات ترامب بزوال الحضارة الأوروبية بمقال لجورج مونبيو بعنوان: "الحقائق واضحة: على أوروبا أن تفتح أبوابها أمام المهاجرين وإلا ستواجه حتمية زوالها". انتقد الكاتب استخدام مزاعم ترامب قائلا: "في الواقع بدون الهجرة لن تكون هناك أوروبا، ولا حضارة، ولن يبقى أحد ليجادل في ذلك، وهذا لأنّ معدل الخصوبة في الاتحاد الأوروبي الذي انخفض مرّة أخرى هو ما يشكل فعلياً محواً للحضارة".

 

فأمريكا ومن خلال استراتيجيتها الجديدة تجعل من العنصر الغربي الأبيض أساس الحضارة ومعيار استمرارها، وترى عبر عنصرية رئيسها أنّ أي اختلال ديموغرافي في القارة الأوروبية يُحوّلها إلى ما يُشبه الشرق الأوسط، فهو يُظهر ازدراءه لسكان الشرق الأوسط لا لشيء إلا لأنّهم ليسوا بيض البشرة، بينما يرى الأوروبيون أنّه لا مجال لاستمرار الحياة في أوروبا إلا بالهجرة، خاصة وأنّ نسبة الولادات لدى السكان البيض في حالة تناقص شديدة قد تؤدي إلى انقراض السكان إذا لم يتم تعويضهم من سكان آخرين ليسوا من البيض.

 

وهذا الموقف الأوروبي المؤيد لجلب السكان غير البيض إلى أوروبا ليس من باب نظرة المساواة بين الشعوب، وإنّما من باب إنقاذ القارة الأوروبية من الزوال بسبب انخفاض نسبة الولادات، بمعنى أنّهم مضطرون لقبول المهاجرين من باب مُكره أخوك لا بطل، وليس من باب التسامح واحترام القيم الإنسانية.

 

وتبقى البلاد الإسلامية هي الغائب الحاضر في هذه المقاربة الغربية المُشتعلة وهذه الإشكالية المُستشرية بين طرفي الأطلسي، فالإعلام البائس في دول الشرق الأوسط لم يرد على الإهانات العنصرية التي وجّهها ترامب للمسلمين، ووصفهم بأنّهم ليسوا أصحاب حضارة.

 

فحكام بلاد الشرق الأوسط الذين يكيلون المديح لترامب ونظامه، ويرحبون بالسير في كل مُخطّطاته العدوانية ضد بلادهم لا يأبهون بوصف شعوبهم بانعدام الحضارة، وأنّها أصبحت مضرب الأمثال لدى أمريكا في الهمجية والتخلف والانحطاط، خاصة بعد أنْ أكّد ترامب كلامه العنصري هذا بوصف الشعب الصومالي بكامله بالقمامة، ومن دون أن يميّز بين من يعيش منهم في أمريكا ومن يعيش منهم في الصومال.

 

فعنصرية ترامب المفضوحة هذه والتزام دولته بسياسته العنصرية هي دليل على أنّ الأمة الإسلامية في نظر حكامها لا تختلف عن نظرة أمريكا لها، ولعل التسريب الصوتي الأخير لبشار الأسد يدل بوضوح على مدى احتقار حكام الشرق الأوسط لشعوبهم، وتعاليهم عليهم.

 

في الواقع لن تتغيّر نظرة أمريكا الاستعلائية للمسلمين إلا بوجود قيادة إسلامية قوية تفرض القيم السياسية الإسلامية على العالم فرضاً بقوة الدولة وقوة المبدأ، وليس بسياسات الاستجداء والاستعطاف والمُجاملة.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد الخطواني

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع