الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
حرب غزة: الدرس الذي لا ينسى

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حرب غزة: الدرس الذي لا ينسى

 

الخبر:

 

مضى على الحرب في غزة 47 يوماً، وظهر من خلالها الكثير الكثير.

 

التعليق:

 

لعل أهم ما ظهر في حرب غزة قوة العقيدة الإسلامية حين تتمكن من النفوس فتأتي بما لا يقدر عليه البشر بطبيعتهم. فقد رأينا الأمهات يستودعن أبناءهن عند الله تعالى محتسبات صابرات، والأطفال يتمنون الشهادة في سبيل الله على خطا آبائهم وغيرها الكثير... وظهر كذب حكام العرب خاصة دول الطوق بادعائهم أن قوة الكيان لا تقهر ولا قِبَل لهم بها، فقد أوقع بيهود ثلة قليلة من الصابرين المحتسبين وبأقل أنواع العتاد والسلاح ما أربك العدو وأبان عورته وكشف عن هشاشته.

 

وظهر كذلك أن العدو الحقيقي للمسلمين في فلسطين وسائر بلاد المسلمين ليس كيان يهود فقط بل ومن ورائه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأوروبا، التي هرعت مسرعة دون تأخير لتشترك عمليا في الحرب ضد طليعة المجاهدين ولتؤكد أن كيان يهود جزء من نظامهم العالمي، وهي ممثلة لهم في صراعهم مع المسلمين، ومذكرة أن إنشاء هذا الكيان من أول يوم إنما كان هدفه الأساسي الحفاظ على وجود الغرب الحاقد على الإسلام في قلب العالم الإسلامي ليكون رأس حربة لهم في عدم تمكين المسلمين من إعادة بناء كيانهم السياسي الذي سيحمل راية الجهاد من جديد. ولم يُخْفِ رئيس الكيان ذلك بل صرح به في زيارته الأخيرة لفرنسا ليؤكد على أن هذا الكيان إنما يحارب ليحول بين المسلمين وبين العودة لحمل مشعل النور لأوروبا الغارقة في دياجير الظلام.

 

وظهر كذلك مكنون الطاقة لدى المسلمين في شتى بقاع الأرض، وتحرّقهم وشوقهم لإعلاء كلمة الله وجهاد العدو الغاشم الذي بُني كيانُه على شفا حفرة من الانهيار. وفي الوقت نفسه ظهر أيضا ما يحتاجه المسلمون من الوعي الدقيق على تسلسل خطوات النصر المبين وأن مجابهة العدو الأكبر الذي يقف وراء هذا الكيان بكل طاقته وجنوده وإعلامه إنما يحتاج قوة الأمة الإسلامية بطاقتها ومواردها وشبابها وعلمائها وجميع مصادر قوتها التي لا يمكن أن تجمع في صعيد واحد إلا بوجود خليفة تبايعه الأمة على السمع والطاعة في منشطها ومكرهها، ليكون جُنّة لها ووقاية، تقاتل من ورائه وتتقي به شرور الظالمين ومن يساندهم.

 

وبسبب عدم وضوح الصورة للمسلمين بشكلها الحقيقي تَدافع الناس لمناشدة الأمم المتحدة لوقف اعتداء يهود على المشافي والمدارس والمساجد والأطفال الرضع والشيوخ والنساء، ولم يعوا أن هذه المنظمة إنما وجدت لتكون درعا يتمترس خلفه أعداء المسلمين والبشرية جمعاء. وسارعوا لإثبات جرائم العدو بحجة مخالفتها للقانون الدولي مقدمة لإحالة العدو على المحكمة الدولية! ولم يعلموا أن هذه المحكمة وجدت ابتداء لقمع من يحاول تقويض النظام العالمي الذي بنوه على بصيرة ليتمكنوا به من استعمار الشعوب واحتلال بلدانهم ولقمع كل من يحاول أن يخرج على أنظمتهم الظالمة.

 

لقد كان الأولى والأجدر بالمسلمين أن يستغلوا هذه الظروف السيئة من جهة والمواتية لإحداث تغيير جذري من جهة أخرى، وذلك ليعملوا على التخلص من بقايا المستعمر الكافر من حكام وأنظمة وجدت لتكبيل المسلمين، وتقييد أيادي الجيوش وجعلها مسخّرة لقمع شعوبها والمحافظة على عروش عملاء بريطانيا وأمريكا وفرنسا...

نعم نقولها بكل صدق وإخلاص إن الكافر المستعمر حين أنشأ كياناً ليهود في فلسطين ليكون جبهة متقدمة له، ضمن استمراره وبقاءه من خلال إحاطته بأنظمة تم إنشاؤها في الفترة نفسها التي أنشأوا فيه كيان يهود، للحفاظ عليه وحمايته من الشعوب المسلمة، ولضمان استقراره وقوته، ولولا هذه الأنظمة لما وافق اليهود على الهجرة ابتداء لكيان لا قرار له.

 

فاليوم لم يعد لمسلم عذرٌ بجهل، ولا تعذُّر بضعف، فقد انكشفت الأوراق أمام الجميع في مؤتمر القمة الذي جمع الدول في العالم الإسلامي والعربي خصوصا، والذي تمخض كما الجبل عن فأر! وانكشف أمامهم مدى هشاشة الكيان المصطنع في فلسطين، وانكشف لهم مدى قوة العقيدة التي يؤمنون بها، وتلقنوا بها درسا لا يُنسى أبدا مما رأوه وشاهدوه في أطفال ونساء وشيوخ ومجاهدي غزة.

 

﴿وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد جيلاني

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع