- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة غير سياسية خفيّة من زيارة بابا الفاتيكان لإندونيسيا
(مترجم)
الخبر:
في وقت سابق من شهر أيلول/سبتمبر، زار بابا الفاتيكان فرانسيس، إندونيسيا، حيث ألقى خطاباً في مسجد الاستقلال، أكبر مسجد في البلاد. ووقّع مع الإمام الأكبر على "الإعلان المشترك للاستقلال 2024"، والذي يهدف، كما يكشف عنوانه الفرعي، إلى "تعزيز الانسجام الديني من أجل الإنسانية" ومعالجة اثنتين من "الأزمات الخطيرة" في عالم اليوم: "نزع الصفة الإنسانية وتغيُّر المناخ". كما زار البابا القسم الأمامي من نفق سيلاتوراهمي، الذي يربط بين مسجد الاستقلال وكاتدرائية جاكرتا، والذي يرمز إلى الانسجام الديني في إندونيسيا.
التعليق:
لا يمكن إنكار أنّ البابا أصبح شخصية شعبية لدى بعض أهل إندونيسيا، أكبر بلد إسلامي. كما لاقت زيارته إلى إندونيسيا ترحيباً حاراً حتى من الجيل الأصغر سناً. شخصيته المتواضعة مع مظهره المتواضع ومرافق السّفر، حيث يتمّ تصويره كزعيم ديني ومقاتل من أجل العدالة، لها بالتأكيد أجندة خفية. يبدو أنّ موقف البابا المناهض للسّلطة يملي على المسلمين في إندونيسيا التواضع والمسؤولية وراء تفويض القادة؛ حيث تكون الرسالة واضحة للغاية: أن أهم مؤهّل للزّعيم هو عدم الرغبة في أن يكون زعيماً. كانت الرسالة غير السياسية واضحة بشكل أكبر في اليوم الثالث من زيارته، عندما رحّب الإمام الأكبر نصر الدين عمر به في مسجد الاستقلال في 5 أيلول/سبتمبر ووقّع على الإعلان المشترك للاستقلال 2024. وقد أوردت هيئة الإذاعة البريطانية محتويات هذا الإعلان بزاوية متحيّزة إلى حدّ ما: إعلان الاستقلال 2024 "حزينٌ ومتناقض" وسط المنظمات الدينية التي تتلقى تصاريح التعدين وهي منظمات إسلامية مثل نهضة العلماء والمحمدية. وهذا يؤكد الانطباع بأنّ الجهات الدينية تدعم في الواقع نزع الصفة الإنسانية والأزمات البيئية بسبب تورطها في مخططات اقتصادية سياسية.
يجب أن يبتعد الدّين عن السياسة! هذه هي الرسالة الرئيسية. إن هيئة الإذاعة البريطانية باعتبارها وسيلة إعلام علمانية تميل إلى القيم الغربية، تتعمد تأطير أن دخول الدين إلى عالم الاقتصاد السياسي من شأنه أن يعزز في الواقع تدمير البيئة ونزع الصفة الإنسانية. هذا بالإضافة إلى التمجيد الشخصي للبابا الذي تقوم به وسائل الإعلام العلمانية المخضرمة في إندونيسيا؛ حيث يعتبر البابا رجلاً مقدساً يقاتل من أجل العدالة، ويعيش حياة متواضعة وقريباً من الفقراء، وهو تناقض صارخ مع الظروف السياسية في إندونيسيا التي تعجّ بالرّغبة الأوليغارشية في السلطة. حيث يستمر المسرح السياسي الإندونيسي في إظهار مسرح رخيص للسلالات العائلية مع التلاعب الصارخ بالقانون.
إنّ رسالة البابا غير السياسية واضحة، فالسّياسة قذرة والدين مقدّس، لذلك لا تُدخلوا الدين في عالم السياسة بما في ذلك عالم الاقتصاد الاستراتيجي! وبالتالي، هذا يشبه القول العلماني بأن أحكام الإسلام ممنوعة من دخول السّاحات السياسية والاقتصادية. إنّ هذا الأسلوب في التفكير خطير بالتأكيد لأنه يتناقض مع الإسلام الذي يعلمنا أنّ القيادة السياسية للمسلمين جزءٌ أصيل من حضارتهم. ونتيجةً لهذا فإنّ هذه الرسالة الخفية سوف تزيد في الواقع من تدهور الأمة روحياً وسياسياً وسوف تعزّز العلمانية. إنّ الإسلام يرفض العلمانية أو فصل الدين عن السياسة. إنّ فساد حكام المسلمين في إندونيسيا لا علاقة له بأحكام الإسلام لأنّ عجزهم كان نتيجة لنظام الجاهلية الذي صنعه الإنسان والذي أنكر أحكام الله في السياسة والاقتصاد. فلا يوجد جانب من جوانب حياتنا لا تُغطيه الشريعة الإسلامية. قال الله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فيكا قمارة
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير