الإثنين، 10 رمضان 1446هـ| 2025/03/10م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح242) تشرف الدولة على الشؤون الزراعية والصناعية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح242) تشرف الدولة على الشؤون الزراعية والصناعية

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ والأَربَعِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "تُشْرِفُ الدَّولَةُ عَلَى الشُّؤُونِ الزِّرَاعِيَّةِ وَالصِّنَاعِيَّةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّامِنَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 159: تُشْرِفُ الدَّولَةُ عَلَى الشُّؤُونِ الزِّرَاعِيَّةِ وَمَحْصُوَلاتِهَا وَفْقَ مَا تَتَطَلَّبُهُ السِّيَاسَةُ الزِّرَاعِيَّةِ الَّتِي تُحَقِّقُ استِغْلَالَ الأَرْضِ عَلَى أَعْلَى مُسْتَوىً مِنَ الإِنْتَاجِ.

 

المادة 160: تُشْرِفُ الدَّولَةُ عَلَى الشُّؤُونِ الصِّنَاعِيَّةِ بِرِمَّتِهَا، وَتَتَوَلَّى مُبَاشَرَة الصِّنَاعَاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَا هُوَ دَاخِلٌ فِي المِلْكِيَّةِ العَامَّةِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَاتَانِ هُمَا الْمَادَّتَانِ: التَّاسِعَةُ وَالخَمْسُونَ بَعْدَ المِائَةِ، وَالسِّتُّونَ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ المَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

أولا: المادة 159: دَلِيلُهَا قَولُهُ r: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)، وَالإِشْرَافُ عَلَى الشُّؤُونِ الزِّرَاعِيَّةِ عَامَّةً مِنْ رِعَايَةِ الشُّؤُونِ، لِذَلِكَ كَانَتْ مِمَّا تَجبُ رِعَايَتُهُ عَلَى الإِمَامِ، وَلَكِنَّ الدَّولَةَ لَا تُبَاشِرُ الشُّؤُونَ الزِّرَاعِيَّةَ، لِأَنَّ الرَّسُولَ تَرَكَهَا لِلمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُمْ فِي حَدِيثِ تَأْبِيرِ النَّخْلِ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ»، (رَوَاهُ مُسْلِمُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَأَنَسٍ رضي الله عنه). وَرَوَاهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الإِحْكَامِ بِسَنَدِهِ وَصَحَّحَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ بِلَفْظ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ».

 

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ r مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ. قَالَ: فَخَرَجَ شِيصاً، فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: مَا لِنَخْلِكُمْ؟ قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ». وَفِي رِوَايَةٍ عِندَ أَحْمَدَ عَنْ أَنَسٍ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ». مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّولَةَ لَا تُشْرِفُ إِشْرَافاً مُبَاشَراً عَلَى الزِّرَاعَةِ وَلَا تَتَوَلَّاهَا، وَإِنَّمَا تُشْرِفُ إِشْرافاً عَامّاً بِتَنظِيمِ المُبَاحَاتِ بِأَسَالِيبَ تَخْتَارُهَا لِتَنْمِيَةِ الزِّرَاعَةِ، وَتَقْوِيَتِهَا، وَتَسْهِيلِ أُمُورِهَا، وَأَنْ تَرْسُمَ سِيَاسَةً زِرَاعِيَّةً تُؤَدِّي إِلَى رَفْعِ مُسْتَوى الإِنْتَاجِ.

 

Boloogh27 02 2025

 

ثانيا: المادة 160: هَذِهِ المَادَّةُ ذَاتُ شِقَّينِ: الأَوَّلُ: الإِشْرَافُ عَلَى الصِّنَاعَةِ كُلِّهَا، وَالثَّانِي: أَنْ تَتَوَلَّى الدَّوُلَةُ مُبَاشَرَةَ بَعْضِ الصِّنَاعَاتِ.

 

أحدهما: الشق الأول: أَمَّا الشِّقُّ الأَوَّلُ، وَهُوَ الإِشْرَافُ عَلَى الصِّنَاعَةِ كُلِّهَا فَدَلِيلُهُ أَنَّ الرَّسُولَ r قَدْ أَقَرَّ مِلْكِيَّةَ الأَفْرَادِ لِلمَصَانِعِ، كَمَصَانِعِ الأَحْذِيَةِ، وَالسُّيُوفِ، وَالثِّيَابِ، وَغَيرِهَا. وَ«أَنَّ النَّبِيَّ r اصْطَنَعَ خَاتَماً». (أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)، وَ«أَنَّهُ r اسْتَصْنَعَ المِنْبَرَ». (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ)، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ المَصَانِعَ إِنَّمَا يَتَوَلَّاهَا الأَفْرَادُ لَا الدَّولَةُ، فَهِيَ كَالزِّرَاعَةِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، وَلَكِنَّ الدَّولَةَ بِمَا أَوْجَبَهُ الشَّرعُ عَلَيهَا مِنْ رِعَايَةِ الشُّؤُونِ بِقَولِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ)، فَإِنَّ عَلَيهَا أَنْ تُشْرِفَ إِشْرَافاً عَامّاً عَلَى الشُّؤُونِ الصِّنَاعِيَّةِ بِتَنْظِيمِ المُبَاحَاتِ بِأَسَالِيبَ تُسَاعِدُ عَلَى تَحْسِينِ الصِّنَاعَةِ، وَبِفَتْحِ أَسْوَاقٍ لَهَا، وَبِتَوفِيرِ المَوَادِّ الخَامِّ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ.

 

وأما ثانيهما: الشق الثاني: وَهُوَ أَنْ تَتَوَلَّى الدَّوُلَةُ مُبَاشَرَةَ بَعْضِ الصِّنَاعَاتِ، فَإِنَّ دَلِيلَهُ القَاعِدَةُ الشَّرعِيَّةَ. (يَأْخُذُ المَصْنَعُ حُكْمَ المَادَّةِ الَّتِي يُنْتِجُهَا) الـمُسْتَنْبَطَةُ مِنْ حَدِيثِ الرَّسُولِ r عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ». (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ السَّكَن)، فَقَدْ حَرَّمَ الرَّسُولُ r صِنَاعَةَ عَصْرِ الخَمْرِ، لِأَنَّهَا صَنَعَتْ خَـمْراً، مَعَ أَنَّ صِنَاعَةَ العَصْرِ مُبَاحَةٌ، فَأَخَذَ المَصْنَعُ حُكْمَ المَادَّةِ الَّتِي أَنْتَجَهَا، وَهَذَا عَامٌّ، وَبِنَاءً عَلَيهِ يَأْخُذُ الـمَصْنَعُ حُكْمَ الـمَادَّةِ الَّتِي يُنتِجُهَا، فَتَكُونُ المَصَانِعُ الَّتِي تُنْتِجُ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي المِلْكِيَّةِ العَامَّةِ مِلْكِيَّةً عَامَّةً، لِأَنَّهُ أَخَذَ حُكْمَ المَادَّةِ الَّتِي يُنْتِجُهَا، وَالمِلْكِيَّةُ العَامَّةُ مِلْكٌ لِعَامَّةِ المُسْلِمِينَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَخْتَصَّ فِيهَا فَرْدٌ أَوْ أَفْرَادٌ يَمْنَعُ اخْتِصَاصُهُمْ تَمْكِينَ غَيرِهِمْ مِنْ مِلْكِيَّتِهَا؛ وَمِنْ هُنَا كَانَ الخَلِيفَةُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى هَذِهِ المَصَانِعَ وَيَمْنَعُ الأَفْرَادَ مِنْ مِلْكِيَّتِهَا، لِأَنَّ مِلْكِيَّتَهُمْ لَهَا تَمْنَعُ غَيرَهُمْ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنْ مِلْكِيَّتِهَا؛ وَلِـهَذَا كَانَتِ الدَّولَةُ هِيَ الَّتِي تَتَوَلَّى مُبَاشَرَةَ المَصَانِعِ الَّتِي هِيَ دَاخِلَةٌ فِي المِلْكِيَّةِ العَامَّةِ، مِثْلُ استِخْرَاجِ النِّفْطِ أَوِ استِخْرَاجِ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَمَا شَاكَلَهُ. غَيرَ أَنَّهَا تَجْعَلُ لَهَا مَصْلَحَةً خَاصَّةً بِهَا فِي وَارِدَاتِهَا وَنَفَقَاتِهَا وَسَائِرِ شُؤُونِهَا، وَتَضَعُ أَرْبَاحَهَا فِي بَيتِ المَالِ فِي بَابٍ خَاصٍّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مِلْكِيَّةِ الدَّولَةِ، بَلْ هِيَ مِنَ المِلْكِيَّةِ العَامَّةِ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع