- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول
(ح 82)
كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (7)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:
أيها المؤمنون:
أحبّتنا الكرام:
السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثانية والثمانين وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كيف نشأت مسألة القضاء والقدر(7)".
يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "وهكذا يمضون في البرهان على رأيهم، ويستدلون عليه كذلك بآيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). وقوله: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ). وقوله: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ). وقوله: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ). وقوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ). ويؤولون الآيات الدالة على إرادة العبد وخلقه للأفعال، وتبعاً لذلك يقولون أن ما تولَّد من فعل العبد من خواص الأشياء كاللذة والجوع والشجاعة والقطع والإحراق، وغير ذلك هو من الله تعالى. وقام أهل السنة والجماعة أيضاً يردون على المعتزلة فقال أهل السنة: "إن أفعال العباد كلها بإرادة الله ومشيئته، والإرادة والمشيئة بمعنى واحد وهي صفة أزلية في الحي توجب تخصيص أحد المقدورين في أحد الأوقات بالوقوع مع استواء نسبة القدرة إلى الكل. وأفعال العباد بحكمه، إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون وقضيته أي قضاؤه وهو عبارة عن الفعل مع زيادة إحكام". قال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)، وقال: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ). والمراد بالقضاء المقضي، لا صفة من صفات الله. وفعل العبد بتقدير الله وهو تحديد كل مخلوق بحده الذي يوجد من حُسن، وقُبح، ونفع، وضر، وما يحويه من زمان، ومكان، وما يترتب عليه من ثواب، وعقاب. والمقصود تعميم إرادة الله وقدرته؛ لأن الكل بخلق الله، وهو يستدعي القدرة، والإرادة لعدم الإكراه والإجبار".
ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يتابع الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - حديثه عن بيان الكيفية التي نشأت بها عند المتكلمين مسألة القضاء والقدر، وذلك من خلال الأفكار الآتية:
أولا: المتكلمون من المعتزلة يذكرون رأيهم، وهو أن أفعال العباد كلها بإرادة الله، ثم يستدلون عليه بأدلة نقلية. يقول الشيخ تقي الدين - رحمه الله - في هذا الشأن: "وهكذا يمضون في البرهان على رأيهم، ويستدلون عليه كذلك بآيات من القرآن الكريم:
- مثل قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). (التكوير29)
- وقوله: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ). (الأنفال 17)
- وقوله: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ). (القصص 56)
- وقوله: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ). (الصافات 96)
- وقوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ). (الزمر 62)
ثانيا: المتكلمون من المعتزلة يؤولون الآيات الدالة على إرادة العبد وخلقه للأفعال، وتبعاً لذلك يقولون: إن ما تولَّد من فعل العبد من خواص الأشياء كاللذة، والجوع، والشجاعة، والقطع، والإحراق، وغير ذلك هو من الله تعالى.
ثالثًا: قام أهل السنة والجماعة أيضًا يردون على المعتزلة فقال أهل السنة: "إن أفعال العباد كلها بإرادة الله ومشيئته، والإرادة والمشيئة بمعنى واحد، وهي صفة أزلية في الحي توجب تخصيص أحد المقدورين في أحد الأوقات بالوقوع مع استواء نسبة القدرة إلى الكل".
رابعا: يضيف أهل السنة والجماعة فيقولون: "وأفعالُ العبادِ بِحُكمِهِ، إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، وقضيته - أي قضاؤه - وهو عبارة عن الفعل مع زيادة إحكام".
خامسًا: يستدل أهل السنة والجماعة على رأيهم وهو أن فعل العبد بتقدير الله بآيات من القرآن، قال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ). (فصلت12)، (وَقَضَىٰ رَبُّكَ). (الإسراء23).
سادسًا: يوضح أهل السنة والجماعة المقصود بقولهم فيقولون: "والمراد بالقضاء المقضي، لا صفة من صفات الله. وفعل العبد بتقدير الله وهو تحديد كل مخلوق بحده الذي يوجد من حُسن، وقُبح، ونفع، وضر وما يحويه من زمان، ومكان، وما يترتب عليه من ثواب، وعقاب.
سابعا: يوضح أهل السنة والجماعة المقصود بقولهم فيقولون: "والمقصود تعميم إرادة الله، وقدرته؛ لأن الكل بخلق الله، وهو يستدعي القدرة، والإرادة لعدم الإكراه والإجبار".
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي