الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

فعاليات ذكرى رجب (هدم الخلافة) في أقاليم ولاية السودان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ضمن فعاليات ذكرى رجب (هدم الخلافة) في أقاليم ولاية السودان والتي ستستمر خلال شهر رجب الحرام، أطلقت مدينة ودمدني حملتها لهذا الشهر، حيث خاطب الأخ/ علي آدم جموع الناس الذين احتشدوا بموقف الحافلات بالسوق الكبير، مذكراً إياهم بأن الهوية الإسلامية وحدها هي الرابط الذي يجب أن يربط المسلمين، وداعياً للعمل من أجل استئناف الحياة الإسلامية التي انقطعت بهدم الخلافة، وتم توزيع الخبر على الصحف ووسائل الاعلام، فأوردت صحيفة الاهرام اليوم العدد (867) الخبر التالي تحت عنوان: (فعاليات ذكرى هدم الخلافة):

 

1/ فعاليات ذكرى هدم الخلافة:
انطلقت حملة حزب التحرير- ولاية السودان- إحياءً لذكرى الخلافة هذا العام؛ بأعمال فكرية وسياسية، وكان أبرز هذه الأعمال ما تم بمدينة ود مدني صباح الأربعاء الماضي. ويواصل اللحزب فعالياته في مختلف الأصعدة بمناسبة ذكرى هدم الخلافة، داعياً للعلمل من أجل استئناف الحياة الإسلامية التي انقطعت بزوال الخلافة حتى تعود للأمة عزتها وقوتها.

 

2/ القتال الدائر في جنوب كردفان ثمرة لتسويات باطلة من اتفاقية سويسرا إلى اتفاقية نيفاشا
نشرت صحيفة الحرة العدد (1056) مقالة عن جنوب كردفان للأستاذ يعقوب ابراهيم عمر كما يلي:

 

فور اعلان نتيجة الانتخابات في جنوب كردفان، التي فاز فيها حزب المؤتمر الوطني بمنصب الوالي اشتد النزاع بين الشريكين، وصل إلى مرحلة الاقتتال، قضى على الأخضر واليابس في كثير من المناطق بجنوب كردفان، استخدم فيه الأسلحة الثقيلة منها والخفيفة والطيران في بعض المناطق، فهجر جراء ذلك كثير من المواطنين قراهم بعد أن أتلفت ممتلكاتهم، في المنطقة الغربية والجبال الشرقية، ولا تزال هذه المعارك ممتدة، وآخرها هجوم الحركة الشعبية على سوق الجبل بالمنطقة الشرقية ومقتل ثلاثة اشخاص، وقد تم نهب السوق وبعثرة الممتلكات. وكان ذلك صبيحة الثلاثاء 15 مايو 2012م. ومثل هذه الأحداث تحصل في مناطق العمليات دون حرمة لدم أو لعرض.

 

وجراء هذه الحرب الفتنة نشأ فراغ أمني خطير، أصبح المواطن مطارداً بين مطرقة الحركة الشعبية من ترويع وذبح كما حدث في قرية (طاسي)؛ معقل الطرق الصوفية، وبين سندان الحكومة من تهديد وتخويف ومنع للمواطن بالتزود حتى بالأكل الذي يكفيه من الأسواق في ظروف أشبه بالمجاعة تضرب بأطنابها أرجاء جنوب كردفان، بحجة دعم التمرد، وغيرها من ممارسات شيطانية ضد المواطن لم نسمع بها في الأولين، وإنا نحمّل الطرفين مسؤولية اذلال المواطن وارهاقه، في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.

 

إن المتابع لشأن جنوب كردفان يجد أن هذه الحرب الفتنة قد تم الاعداد لها وتهيئة أجوائها قبيل التوقيع على اتفاقية نيفاشا بثلاث سنوات. ففي خضم الجولات المكوكية ما بين ميشاكوس وابوجا ونيروبي وناكورو وفرانكفورت وغيرها من عواصم الدنيا ومدنها، اجتمع وفدا الحكومة والحركة الشعبية في بيرنقستوك بسويسرا وانتهيا في 19 يناير 2002 الى وثيقة اتفاق لوقف اطلاق النار في جنوب كردفان والتي نصت على الوقف الفوري للعمليات العسكرية، وكان ذلك تلبية للدعوة من قبل حكومة سويسرا الكونفدرالية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية؛ زارعة الفتن والنزاعات في العالم، وبرعاية الوسيط آنذاك؛ السفير السويسري جوزيف بوخر الذي أشرف على المفاوضات وكان مهندسها حتى نهايتها بل كان شاهداً عليها، بالاضافة إلى الجنرال الأمريكي العقيد سيسل دينيس جيدينز.

 

وقد نصت تلك الاتفاقية على أسس لوقف إطلاق النار منها ما جاء في البند (3): ( وقف إطلاق النار، على وجه الخصوص يستلزم إنهاء الآتي:
أ. التحرشات، التحركات العسكرية بما فيها الاستطلاع والتعزيزات العسكرية والأفعال العدائية؛
ب. كل الهجمات الجوية والبرية وكذلك عمليات التخريب وزراعة الألغام؛ ج. المحاولات التي تهدف لاحتلال مواقع جديدة وتحريك القوات والموارد من موقع لآخر باستثناء الإمدادات الغذائية والدوائية والملابس للقوات العسكرية في الموقع. د. كل عمليات العنف وسوء استغلال المدنيين مثل الإعدام بدون محاكمة، عمليات التعذيب، التحرش، والاعتقال دون قيد زمني وترويع المدنيين على أساس العرق والأصل والدين أو الانتماء السياسي والتحريض على الضغائن العرقية وتسليح المدنيين .....).

 

ورغم ما في هذه الاتفاقية من سوءات فقد تم خرق كل هذه البنود من الطرفين وكأنها لم تكن، ولكن أخطر ما جاء في الاتفاقية والتي أدت الى الحرب الدائرة حالياً هو المساواة بين الحكومة والمتمردين، لا بل الانحياز الواضح للمتمردين وذلك من خلال النصوص التي تعمدت (إعادة انتشار مقاتلي الطرفين في جبال النوبة إلى مواقع دفاعية)، وكذلك (الفصل الفوري بين جميع قوات المقاتلين ...) و(وفقا لما نصت عليه شروط الفصل الخامس بشان الفصل بين القوات، على كل المقاتلين إعادة نشر قواتهم من مواقع قتالية إلى مواقع دفاعية...)، بحيث تمركزت قوات الطرفين في مواقعها الدفاعية هذه تحت اشراف اللجنة العسكرية المشتركة (JMC) وقتذاك، وكان نصيب حكومة السودان 7 حاميات هي: (مورا (كركر) - رجيفي - أم دولو- عقب - الدابي (ايري) - أم سردبة - جبل العقير- هيبان). وللحركة الشعبية لتحرير السودان/ النوبة حوالى 15 حامية يتم الإخطار عنها للهيئة العسكرية المشتركة The Joint Military Commission (JMC) وهي (نينيقر - ارض كنان -كوبانق - بادورا كلكدة- ليمون - سرف الجاموس - نقوربان - ليبو - كدرو- تولشي- تيما - والي (جنوب كوقونق) -جولد).

 

وبالتأكيد فإن هذه القسمة الضيزى للمناطق مكّنت من تأسيس مواقع دفاعية خاصة لكلا الطرفين بحيث لا يسمح بدخول قوات في مناطق القوات الأخرى، ما يعني انها بعيدة عن رقابة الآخر، وبالتالي يسهل تسليح نفسها وتنصيب ما يمكنها من الدفاع عن نفسها، عبر المنظمات التي تسمى إنسانية، والتي ثبت تورطها في تسليح المتمردين. وكأن هذا نذير بتقسيم جنوب كردفان إلى دولتين بدون حدود واضحة بينهما، فمناطق تحت سيطرة الحكومة تتولى هي (على الورق) أمر رعاية شئون المواطنين فيها وأخرى للحركة الشعبية حاكماً عليها، فقد ورد في الملحق (ب) الفقرة (3) ما يلي: (تحتفظ حكومة السودان بمسؤولية الإدارة المدنية "الشرطة، المدارس، الشئون الصحية، الخ")، وأعطت للحركة الشعبية مناطق مقفولة "الكاودا" مثلاًً تتولى الحركة أمر ساكنيها من تعليم وصحة وأمن وغيرها من الخدمات بناء على نص هذه الاتفاقية، فقد جاء في نفس الفقرة ما يلي: (يتم تحديد نطاق كل طرف وسيستمر كل منهما في مباشرة الإدارة المدنية "الشرطة، المدارس، الشئون الصحية، الخ" في المناطق الخاصة بها...).

 

هذه بعض الفقرات التي تم الاتفاق عليها في سويسرا بين الطرفين. والملاحظ ان الاتفاقية اعترفت بحق الحركة الشعبية المتمردة في التمركز في مناطق بعينها، راعية لشؤون أهل المنطقة ومحتفظة بجيشها، أي دولة داخل دولة، لذلك عمدت الهيئة العسكرية المشتركة آنذاك إلى التركيز على المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، فقامت بتأهيلها بتوفير مستلزمات الحياة العادية من صحة وتعليم وغيرها، بل الأكثر من ذلك فقد قامت اللجنة العسكرية المشتركة بافتتاح بعض المطارات بحجة تسهيل عملها في الفصل بين القوات، وأهّلت مطار كادوقلي، واتخذت من مدرسة "تلّو" الثانوية مقراً لها تتحرك منها إلى بقية أنحاء ولاية جنوب كردفان، حتى تم التوقيع على اتفاقية نيفاشا الشؤم، والتي اعترفت هي الاخرى بتمركز قوات الحركة الشعبية بمناطق نفوذها.

 

إن الترتيبات الأمنية التي أبرمت في هذه الاتفاقيات الأصل أنها لا تكون بين دولة ومتمردين من رعاياها، وإنما تكون بين دولتين تحتفظ كل منها بجيشها، أما التمرد إذا حسم فإما حل جيشه أو دمجه مع جيش الدولة لتصبح قوة واحدة.

 

ومعلوم من السياسة بالضرورة إن الولايات المتحدة الأمريكية لها نصيب الأسد في توقيع مثل هكذا اتفاقيات ليسهل تعميق الشقة بين الأطراف المتنازعة وبخاصة في السودان؛ فهي محط أنظار أمريكا فقد نجحت في فصل الجنوب واهتمت بجنوب كردفان حتى قبل الانفصال، قال المبعوث الأمريكي الخاص ليمان في صحيفة الشرق الأوسط في 26 يونيو 2011 (... اضطربنا بسبب الأزمة في إقليم أبيي وجنوب كردفان؛ فجزء هائل من انتباهنا وانتباه الكثيرين انتقل إلى معالجة تلك الأزمات).ويصف ليمان كعادة الأمريكان في تمهيد تدخلهم بكلمات معسولة جاذبة للسامعين - يصف الوضع في جنوب كردفان بـ«أزمة خطيرة» وقال: «... فالمحادثات جارية ولكن لم نتمكن من وقف القتال ومساعدة النازحين وتخطي هذه الأزمة». فلأميركا ضلع في كل المشاكل الموجودة في العالم، وهي التي تثير بؤر التوتر في المناطق الملتهبة، فأدخلت تصنيفات جديدة للدول مثل مصطلح دول محور الشر، ومصطلح الدول الراعية للإرهاب، أو ما شاكل ذلك من التصنيفات التي لم تسلم من ضررها حتى الدول الحليفة أو الدول التابعة لها، بل إنها أوجبت على العالم إما أن يكون معها أو مع الإرهاب.

 

إنها تخلق الأزمات، وتثير المشاكل، وتوجد التوترات، ثم بعد ذلك تدير هذه الأزمات، وتبحث لها عن حلول، تفعل ذلك كله باعتباره جزءاً من استراتيجيتها للهيمنة على العالم. تماماً مثل ما قامت به في السودان حيث نجحت بعد فصل الجنوب في 09 يوليو 2011 بضمه إلى ولايات أمريكا الاحدى والخمسين وتسليمها ليهود.

 

والآن بعد أن نجحت أمريكا في فصل الجنوب تنتقل مباشرة إلى بقية أجزاء السودان لتبقيها مشتعلة يسهل تقسيمها وتفتيت ما تبقى منها.

 

وهنا لا بد من لفت النظر إلى ان التسويات التي تمت بخصوص الشأن السوداني تحت مظلة الكافر المستعمر سواء أكانت في اتفاق سويسرا أو نيفاشا أو عبر الايقاد أو الاتحاد الافريقي أو القرار 2046 الصادر من مجلس الأمن والقاضي باهمية جلوس الطرفين للتفاوض تحت مظلة الاتحاد الافريقي، أو غيرها من تسويات مذلة ، كل ذلك لم يجن منها السودان غير الدمار والخراب. لذلك نحذّر الحكومة من سيرها في الالتزام بمثل هذه التسويات والقرارات.

 

وازاء هذه الفوضى العارمة في جنوب كردفان، ولقطع الطريق أمام المستعمر الحديث، أمريكا من الحصول على ولايات أمريكية جديدة في السودان ولابقاء الأهل في السودان أقوياء بوحدتهم وبدينهم، فإن الإسلام قد أوجب معالجات فورية جذرية لمثل هذه القضايا وهي:

 

أولاً: على النظام في السودان أن يتقي الله في نفسه وفي شعبه، ويحكّم نظام الإسلام في الحكم والسياسة ورعاية الشئون، ومن ثم يعطي كل ذي حق حقه على أساس أحكام الإسلام لإنهاء التمرد في هذه المنطقة.

 

ثانياً: إن أهل البغي هم المتمردون الذين خرجوا على الدولة الإسلامية، ولهم شوكة ومنعة، أي هم الذين شقوا عصا الطاعة على الدولة، وشهروا في وجهها السلاح، وأعلنوا حرباً عليها، ولا فرق في ذلك بين أن يخرجوا على خليفة عادل، أو خليفة ظالم، وسواء خرجوا على تأويل في الدين، أو أرادوا لأنفسهم دنيا، فإنهم كلهم بغاة ما داموا شهروا السيف في وجه سلطان الإسلام. وهؤلاء على الخليفة، أو من ينيبه عنه في الولاية أن يراسلهم، فيسألهم ما ينقمون من السلطان، فإن ذكروا مَظْلِمَةً أزالها، وإن ادّعوا شبهة كشفها، وإن البِسَ عليهم فاعتقدوا أن ما فعله مخالف للحق وهو ليس كذلك، عليه أن يبين لهم دليله، ويظهر لهم وجه الحق.

 

فإن رجعوا عن البغي تركهم، ولا يجوز بقاؤهم على خروجهم، وإن لم يرجعوا قاتلهم وجوباً، ولكن لا قتال حرب، بل قتال تأديب. ولذلك يحرم قِتَالُهم بما يعم إتلافهم إلاّ لضرورة. فلا يصح أن يُضرَبوا بالطائرات، ولا بالقنابل المحرقة، ولا بالمدافع الثقيلة، إلاّ إذا كانت هناك ضرورة قصوى تقتضيها الأساليب التأديبية، لا الأساليب الحربية. ويحرم قَتْل ذُريتهم أو قتل الهارب منهم. ومَنْ تَرَك القتال منهم تُرِك، وإذا قَتَلوا أحداً لا يُقْتَلون به، وإذا أُسِر منهم أحد حُبِس وعُومِل معاملة المذنب، لا معاملة الأسير، لأنّه ليس بأسير، وأموالهم لهم لا يحل أخذ شيء منها، لأنّهم رعية اقتضى تأديبهم اتّباع أسلوب القتال معهم، ولذلك لا يعتبر قِتالُهم حرباً ولا جِهاداً.

 

ثالثاً: الاعلان الفوري عن انتهاء التمرد والاقتتال في كل السودان، ووضع السلاح، واعتبار ان هذه الحروب فتنة يحرم الاشتراك فيها أو تقديم أي عون للساعين في اشعالها.

 

هكذا عالج الإسلام قضايا التمرد فهلا ترعوي الدولة وتعود إلى صوابها بالاحتكام إلى الإسلام، فهو والله خير للعباد في الدنيا وفي الآخرة.]انتهى

 

3/ الإسلام بوصفه طريقة عيش ونظام

 

أما صحيفة الوفاق العدد (4824) فأوردت مقالة للأستاذة (أم أواب) تحت عنوان: (الإسلام بوصفه طريقة عيش ونظام) كما يلي:

 

[غاب عن أذهان البعض الفهم الصحيح لدين الإسلام، لذلك تجد من هو يصلي ويصوم يمكن ان يرتشي ويرابي، وتجد من يقيم الليل وفي نفس الوقت يقول بفصل الدين عن الحياة، لا بل تجد من العلماء في هذا الزمان من يقول إن الإسلام ديمقراطي أو حتى إشتراكي، وهكذا اختلطت الأمور فأصبح المسلمون لا يجدون غضاضة في الدعوة والترويج لما يخالف الإسلام بكل ما يملكون من طاقة، وهم في نفس الوقت يقومون بشعائر الإسلام بكل تقديس. فما هي المفاهيم الصحيحة التي يجب على المسلم ان يعيها ليتغير هذا الحال من التشكل والتلون بكافة ألوان الطيف من المبادئ الأخرى المناقضة للإسلام؟

 

المتعمق في دين الإسلام والمستنير فيه يرى بكل وضوح أن للإسلام طرازاً خاصاً للعيش في الحياة، متميزاً عن غيره كل التميز، وهو يفرض على المسلمين عيشاً ملوناً بلون ثابت معين لا يتحول ولا يتغير، ويحتم عليهم التقيد بهذا الطراز الخاص تقيداً يجعلهم لا يطمئنون فكرياً إلا من هذا النوع المعين من العيش، ولا يشعرون بالسعادة إلا فيه.

 

جاء الإسلام مجموعة مفاهيم عن الحياة، يشكّل وجهة نظر معينة، وجاء بخطوط عريضة؛ أي معان عامة تعالج جميع مشاكل الإنسان في الحياة، تستنبط منها فعلياً علاج كل مشكلة تحدث للإنسان، وجعل كل ذلك مستنداً إلى قاعدة فكرية تندرج تحتها كل الأفكار عن الحياة، وتتخذ مقياساً يبنى عليها كل فكر فرعي، كما جعل الأحكام من معالجات وأفكار وآراء منبثقة عن العقيدة أو مستنبطة من الخطوط العريضة.

 

فهو قد حدد للإنسان الأفكار، ولم يحدد عقله، بل أطلقه وقيد سلوكه في الحياة بأفكار معينة، ولم يقيد الإنسان، بل أطلقه؛ حدد الأفكار بحيث جعلها ترجع لقاعدة واحدة هي: لا إله إلا الله، ولم يحدد عمل الإنسان بل أطلقه، والإرث الفقهي الإسلامي الضخم دليل على ذلك فجاءت نظرة المسلم للحياة الدنيا نظرة أمل بجدية، ونظرة تقدير لها بقدرها من حيث انها يجب أن تنال، ومن حيث انها ليست غاية، ولا يصح أن تكون غاية، فسعى المسلم في مناكبها،وياكل من رزق الله ويتمتع بزينة الله التي اخرج لعباده، والطيبات من الرزق، ولكنه يدرك ان الدنيا دار ممر، وأن الآخرة هي دار البقاء والخلود. هكذا كان عهد الصحابة لا إفراط ولا تفريط، أما الآن عندما اختلفت النظرة للحياة، بأن جعلت غاية في حد ذاتها، تنكب المسلمون الطريق مع درايتهم أنها طريق مهالك، فها هن نساؤنا كاسيات عاريات يتهادين، على رؤسهن كأسنام الإبل وهن يعلمن حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا)، فيثرن غرائز الرجال فتشيع الفاحشة، وكل ذلك لا يرشد الحكام لتطبيق حكم الله على المجتمع ليبرءوا ذممهم امام الله، وفقدت البوصلة للجميع فكانت المعيشة الضنكة الموعودين بها من عند من لا يخلف وعده.

 

وجاءت كل أحكام الإسلام علاجاً ناجعاً لكل مشكلة، علاجاً بطريقة خاصة فعالجت أمور الصلاة والصيام بطريقة خاصة كما عالجت البيع والزكاة، كما تفصّل العقود والمعاملات كذلك بطريقة خاصة، وتبين كيفية تملك المال، وكيفية انفاقه بطريقة خاصة، وتشرح الجنايات والحدود وسائر العقوبات كما تشرح عذاب النار ونعيم الجنة، ودل على شكل الحكم وطريقته بطراز خاص، كما دل عل الاندفاع الذاتي لتطبيق الأحكام طلباً لرضوان الله، كما ترشد إلى علاقات الدولة بسائر الدول والشعوب، قال تعالى: [وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً].

 

هذا التبيان لكل من تستهويه أحكام الكفار وهو مسلم ليعود إلى رشده، فدين الإسلام كامل لا يحتاج لمعالجة من مبدأ آخر، ومن يستعير أحكاماً فليراجع إيمانه لأننا مسلمون لا نحتاج للأمم المتحدة ولا البنك الدولي ولا لمنظمات حقوق الإنسان ولا غيرها فلنا رب هو من ينزل الحلول الناجعة، انزلها في دين الإسلام، فنظّم علاقات الإنسان كلها؛ مع نفسه ومع الناس كتنظيمه لعلاقته مع الله في نسق واحد من الفكر ومن المعالجات فصار المسلم مكلفاً لأن يسير في هذه الحياة الدنيا بدافع معين وفي طريق معين، ونحو غاية محددة. وقد ألزم الناس بالتقيد في هذا الطريق وحده دون غيره، وحذرهم عذاباً أليماً في الآخرة، كما حذرهم عقوبة دنيوية ستقع إحداهما عليهم حتماً إذا حادوا عن هذا الطريق قيد شعرة، وهذا ما من شأنه ان يوجد التكافل ما بين الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه، فيكون الفرد حذراً من الوقوع في المعاصي خوفاً من الله لا خوفاً من القانون، ويكون حريصاً على تنفيذ العقوبة عليه لبرأ من الذنب الذي ارتكبه، وذلك كله بدافع تقوى الله.

 

أما ما يروج له بعض المحسوبين على الإسلام من علماء باعوا دينهم بدنيا غيرهم أن الإسلام دين فردي، فهذا لا ينطبق على واقع الدين الذي منه الدولة، كل ذلك أحكام شرعية مستندة إلى أدلة تفصيلية.

 

ومن هنا لم يكن الإسلام دين روحي فحسب، ولا هو مفاهيم لاهوتية او كهنوتية، وإنما هو طريقة معينة في العيش يجب على كل مسلم بل وعلى المسلمين جميعاً أن تكون حياتهم حسب هذه الطريقة وحدها دون غيرها، لأن الله قد حدد ذلك وجعله ديناً يدان به له وحده لا شريك له].

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع