الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المعلم الخامس والعشرون: الحشر إلى دار القرار (ح2)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أيها المؤمنون: 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

 

ما من أحد من البشر مؤمنهم وكافرهم, وبرهم وفاجرهم إلا سيرد نار جهنم؛ تحقيقا لقوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا). (مريم71)
روي في رياض الصالحين عن عروة بن الزبير، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان، واستعمل عليهم زيد بن حارثة، فقال لهم:"إن أصيب زيد، فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة على الناس". فتجهز الناس، ثم تهيأوا للخروج وهم ثلاثة آلاف، فلما حضر خروجهم، ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسلموا عليهم، فلما ودع عبد الله مع من ودع بكى، فقيل له: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ قال: والله ما بي حب الدنيا ولا أبكي صبابة بكم - والصبابة: الشوق والولع الشديد بالشيء- ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا). (مريم71) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود! أي كيف لي بالخروج منها بعد دخولها؟ فقال لهم المسلمون: صحبكم الله, ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين. فقال عبد الله بن رواحة:


لكنني أسأل الرحمن مغفرة         وضربة ذات فرع تقذف الزبدا

أو طعنة بيدي حران مجهزة            بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا

حتى يقولوا إذا مروا على جدثي       أرشده الله من غاز وقد رشدا

 

أيها المؤمنون:
ولكن ورود نار جهنم لا يستلزم دخولها، كما فهم الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه. بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ترويه حفصة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية. قالت: فقلت: أليس الله عز وجل يقول: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا). قالت: فسمعته يقول: (ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا). (مريم72) (رواه أحمد في مسنده)

 

أيها المؤمنون:
لقد جاءت النصوص كثيرة تصور مشاهد حشر الكفار إلى النار هم وآلهتهم التي كانوا يعبدونها, وإليكم بعضا من هذه المشاهد:
المشهد الأول:
بين القرآن أن الكفار يحشرون كقطعان الماشية جماعات، ينهرون نهرا غليظا، ويصاح بهم من هنا وهناك، كما يفعل الراعي بغنمه أو بقره. قال تعالى: (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ). أي جماعات (الزمر71) وقال تعالى: (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا). (الطور13) وقال: (ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون). (فصلت19) ومعنى يوزعون أي يجمعون، تجمعهم الزبانية أولهم على آخرهم، كما يفعل البشر بالبهائم.
المشهد الثاني:
ذكر القرآن أن الكفار يحشرون إلى النار على وجوههم، لا كما كانوا يمشون في الدنيا على أرجلهم، قال تعالى: (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا). (الفرقان 34) وقال تعالى: (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا). (الإسراء 97)
المشهد الثالث:
وضح القرآن أن الكفار يحشرون مع آلهتهم الباطلة, ومع أعوانهم وأتباعهم، قال الله تعالى: (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون). (الصافات 24)
المشهد الرابع:
حدث القرآن أن الكفار في حشرهم هذا مغلوبون مقهورون أذلاء صاغرون، قال تعالى: (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد). (آل عمران 12)
المشهد الخامس:
حكى القرآن أن أصوات جهنم تصك مسامع الكفار وتملأ قلوبهم رعبا وهلعا، قال تعالى: (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا). (الفرقان 12) وقال تعالى: (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور). (الملك 7)
المشهد السادس:
قص القرآن أن الكفار عندما يصلون النار, ويعاينون أهوالها يندمون ويتمنون العودة إلى الدنيا كي يؤمنوا، قال تعالى: (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين). (الأنعام27)
ولكنهم لا يجدون من النار مفرا، وأيقنوا أنهم داخلوها لا محالة، قال تعالى: (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا). (الكهف 53) ومعنى ظنوا في سياق هذه الآية الكريمة: أيقنوا وتأكدوا.
المشهد السابع:
ذكر القرآن أن الكفار يوم القيامة يؤمرون بالدخول في النار أذلاء خاسرين قال الله العلي الجبار: (فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين). (النحل 29)

 

أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع