الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

  ازدياد حالات الطلاق من ثمار العيش بغير أنظمة الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كشفت إحصائية تحصلت عليها صحيفة (السوداني) الصادرة يوم السبت 12/10/2013م عن أن حالات الطلاق بجميع ولايات البلاد من العام 2008م وحتى العام 2012م بلغت (146,780) حالة، وأشارت الإحصائية الصادرة عن السلطة القضائية إلى أن حالات الطلاق بولايات البلاد خلال العام 2008م بلغت (26,079) حالة وارتفعت في العام 2009م لتصل إلى (27,052) حالة، بينما بلغت في العام 2010م (29,893) حالة وارتفعت حالات الطلاق في العام 2011م لتبلغ (32,865) حالة، فيما كشفت الإحصائية ذاتها عن أن حالات الطلاق في العام 2012م بلغت (30,891) حالة.

 

وأكد تحقيق أعدته صحيفة "المجهر السياسي" أن أكثر من (90%) من القضايا التي تزخر بها مكاتب المحامين هي قضايا طلاق وأحوال شخصية، وأن ما بين (30) إلى (60) عريضة يتم تسجيلها يومياً وتتعلق جميعها بحالات وقضايا طلاق! ويلاحظ في معظم القضايا التي يتم تسجيلها أن الحياة بين الزوجين لم تتجاوز بضع سنين وربما أشهر فقط، وحسب التحقيق فإن الظروف الاقتصادية السيئة والاختيار العشوائي وهجرة الأزواج من أبرز أسباب الطلاق.


إن هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر؛ إذ لا يخفى على أحد معنى انهيار الأسرة وتعرض أطفالها للتجاذبات بين الطرفين وبالتالي الضياع والتشرد في أحيان كثيرة وتقطع وشائج الأرحام.


حتى وقت قريب كنا أنموذجاً للترابط الأسري بسبب القيم الإسلامية التي تطبق على الحياة الأسرية، ولكن نتيجة للتغيرات التي طرأت على كافة مناحي الحياة تدحرج حجر الترابط الأسري من على قمة الجبل، وها هو يقترب من شفير الهاوية، فالقيم أصبحت في مجملها قيماً مادية؛ اتباعًا للأفكار الرأسمالية الفاسدة؛ التي لا تقيم وزنا إلا للمنفعة المادية وهذا ما أدى لفساد أنظمة المجتمع والحياة في كل مناحيها.

 

فبدلا من تطبيق شرع الله أصبح حكامنا يطلبون صكوك الغفران من أمريكا لتعطيهم الجزرة بعد أن أعطتهم العصا مراراً وتكراراً، يتوهمون ويتمنون شطبهم من لائحة أمريكا السوداء وتقليص الديون في الاقتصاد، ترنو أعينهم إلى القروض الربوية، وهم ينامون على مستودع الثروات الطائلة التي ينتفع بها أسيادهم الكفار المستعمرون، والناس يعانون شظف العيش وبعض الأسر لا تجد ما تنفقه على عيالها.

 

وجرّ كلُّ هذا انحطاطًا مماثلاً عند بعض الناس فأصبحوا مثل حكام الضرار يقيسون كل شيء بالنظرة السقيمة ذاتها نتيجة للعرف العام السائد؛ والذي تجذّره وسائط الإعلام ومناهج التعليم المبنيّة على المنهج النفعي المادي إلا بعض التاريخ الذي يصور حياة السلف قصصًا خيالية لا يمكنها أن تنطبق على واقع اليوم.


وكذلك استبدلنا القيم الغربية التي تجعل المرأة ندا للرجل، بل وتبذر بذور الشقاق بينهما وتضيع حق ولاية المرأة من قبل الرجل، وبعمل ممنهج للمنظمات النسوية التي لا عمل لها سوى تحريض المرأة ضد مكانتها الفطرية والأصلية مما يضع الأسرة في سباق وتنافس محموم على إثبات الذات ينتهي غالبا بالطلاق.


إن فساد وجهة النظر في الحياة وبُعدها عن نظرة الإسلام هو المشكلة الحقيقية التي أفقدت المجتمع البوصلة؛ فأصبحت مقاييس اختيار المرأة مادية بدل مقياس الإسلام «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، الذي يراعي القيم الروحية ويستند حصرا على العقيدة الإسلامية.

 

هذا هو السر الحقيقي للترابط الأسرى وانحسار نسب الطلاق الذي جعله الله أبغض الحلال، فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على النساء، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استوصوا بالنساء خيرًا» كما رغب الزوج في إمساك الزوجة وان كرهها، والصبر عليها، حفاظًا على الأسرة، وحرصا على بقائها واستمرارها.

 

قال تعالى: ((وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن، فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا))..


هذا هو الذي أوجد مجتمع المدينة المنورة واستمرت الأمة على ذلك فكان المجتمع الإسلامي الذي ضابطه قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقة فزوجوه» وقوله عليه الصلاة والسلام: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»؛ وهو الذي يجعل المرأة الصالحة خير متاع الدنيا «الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة»، كل ذلك ليس منفصلاً عن حكم كامل بالإسلام؛ في ظل خلافة راشدة أوجدت رخاءً واستقراراً لم يشهده العالم ولن يشهد مثيلاً له إلا بحكم الإسلام.


إن الأوضاع التي نعيشها في السودان من أحوال اقتصادية متردية وحروب مهلكة، والتي يعزو البعض ارتفاع نسب الطلاق لها، ما هي إلا أعراض لمعضلة واحدة هي عدم تطبيق شرع الله الحنيف في أنظمة الحياة، وهو ما أوجد هذه الأرقام من حالات الطلاق.


والدواء الوحيد هو تطبيق دين الله كاملا غير مجزأ في الحكم والاقتصاد والاجتماع بإيجاد دولة مبدئية على أساس الإسلام تقودنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ هي دولة الخلافة الراشدة؛ التي حري بنا جميعاً أن نصل الليل بالنهار لإقامتها.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع