الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

تلخيص كتاب التفكير 2

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أما طريقة التفكير فهي الكيفية التي يجري عليها العملية العقلية، وهي لا تتغير، أما أسلوب التفكير فهي الكيفية التي يقتضيها بحث الشيء وهي تختلف حسب واقع الشيء. إن الطريقة العقلية سميت نسبة إلى العقل، وهي تعني منهجا معينا في البحث يُسلك في الوصول إلى طبيعة الشيء عن طريق نقل الإحساس بالواقع إلى الدماغ مع وجود معلومات سابقة من أجل إصدار الحكم على الأشياء، وهي طريقة تفكير في كل شيء، سواء الفيزياء أم غيرها.


إنه لا بد من التفريق بين المعلومات السابقة والآراء السابقة، وتجنب الآراء بشكل تام لأنها تؤدي إلى الخطأ في الإدراك وتفسر المعلومات تفسيرا خاطئا. إن استعمال الطريقة العقلية فيما يتعلق بوجود الشيء نتيجته تكون صحيحة وقطعية؛ لأن الحكم جاء عن طريق الإحساس، والإحساس لا يخطئ بوجود الواقع، أما إن استعملت للحكم على الشيء فإن النتيجة تكون ظنية فيها قابلية الخطأ؛ وذلك لأن الحكم جاء من تحليل الإحساس بالواقع مع المعلومات، ولكنها تبقى صحيحة حتى يتبين خطؤها، فالعقائد مثلا قطعية تتعلق بوجود الشيء والأحكام الشرعية ظنية فهي حكم على واقع.


بعد الثورة الصناعية قام العالم الغربي بالمناداة بما يسمى بالطريقة العلمية وأن تكون هي طريقة التفكير، وروج لها المضبوعون بالثقافة الغربية، فأصبح الناس يقدسون الطريقة العلمية.


إن الطريقة العلمية تقوم على إخضاع المادة لظروف غير ظروفها الأصلية، ومن ثم ملاحظة المادة والظروف والعوامل، وهي خاصة بالأمور المادية، وتقتضي أن يمحو الباحث من عقله أي فكر أو أي معلومة سابقة أو إيمان سابق، والنتيجة تكون علمية وظنية فيها قابلية الخطأ، وليست قطعية.


على هذا فإن الطريقة العلمية هي أسلوب وليست طريقة، وهي خاصة بالأمور المحسوسة المادية، وليست أساسا؛ لأنه لا بد لها من وجود معلومات سابقة، وهذه المعلومات تكون قد جاءت عن طريق غير طريق التجربة والملاحظة، لأنها تتم عن طريق نقل الواقع بالإحساس، ولا يمكن أن تكون المعلومات تجريبية لأنها لم تحصل بعد، فلا بدّ أن تكون المعلومات السابقة عقلية؛ لذلك فإن الطريقة العلمية ليست أساسا بل فرع من الطريقة العقلية التي هي الأساس. وكذلك فإن الطريقة العلمية تفترض أن كل ما هو غير محسوس غير موجود، فلا وجود للفقه ولا للتاريخ ولا للملائكة ولا لله، لأنه لم تثبت عن طريق التجربة والملاحظة، مع أن وجود الملائكة قطعي ووجود الله قطعي بالطريقة العقلية.


إن الطريقة العلمية يجب أن يُلاحظ فيها قابلية الخطأ، وقد حصل الخطأ فعلا في نتائجها، ولكنها على أي حال طريقة صحيحة للتفكير في الأمور المادية. كما أن هذه الطريقة لا يمكن أن تنتج أفكار جديدة، إنما تستنبطها، فالأفكار المنشأة نشأة جديدة يأخذها العقل رأسا، مثل وجود الله، ولكن معرفة أن الماء يتكون من أكسجين لا يأخذها العقل رأسا، ولكن أُخذت من أفكار سبق للعقل أخذها ثم أجريت التجارب إلى جانب هذه الأفكار، ولكن الغرب من جراء تقديسه لهذه الأفكار أصبح يطبقها على معارف الإنسان.


إنه من جراء استخدام هذه الطريقة ظهر عند الشيوعية أخطاء كثيرة، منها قولهم بأن الطبيعة كل لا يتجزأ، وأنها في حالة تغير مستمر بسبب التناقضات، ولكن هذه التناقضات لا وجود لها، فهم يقولون أن الكائنات الحية فيها تناقضات ففيها خلايا تموت وخلايا تولد، ولكن هذا ليس تناقض بل هو ضعف بعض الخلايا وموتها وإنتاج خلايا أخرى، على أن الكائنات الميتة فيها خلايا ميتة ولا توجد خلايا تولد، وكانوا يظنون أن التناقضات في أوروبا ستحصل، ولكن لا يحصل فيها تناقضات بل تغرق في النظام الرأسمالي.


كما أن الغرب قد خلط بين الأفكار الاستنتاجية الناتجة عن الطريقة العقلية، والأفكار العلمية الناتجة عن الطريقة العلمية، فطبقوا الطريقة العلمية على الإنسان، فأوجدوا علم النفس الذي هو من تكرار الملاحظات على الإنسان في مختلف الأعمار، وسمّوا تكرار الملاحظات علماً، وهو أصلا ليس طريقة علمية، فكان هذا الخطأ الشديد بسبب الخطأ في تطبيق الطريقة العلمية على الإنسان؛ لأن أهم ما في الطريقة العلمية هو التجربة، وهذا لا يمكن على الإنسان.


فمثلا قام الغرب نتيجة الخطأ في استخدام هذه الطريقة بإحصاء غرائز الإنسان، والتوصل إلى أن الغرائز لا يمكن حصرها، وقالوا بأن هناك غريزة خوف وغريزة شجاعة... وغيرها، فخطأهم كان في أنهم لم يفرقوا بين الطاقة الأصلية ومظاهرها، فغريزة النوع مثلاً هي طاقة أصلية والميل للأم لحنانها وللمرأة بشهوة مظهر من مظاهرها، وبينما لا يمكن إلغاء الطاقة الأصلية، يمكن إلغاء أحد مظاهرها أو كبتها، فيكون حنان الأم مثلاً صارفا عن الزواج، أو العكس، وهكذا. فالغرائز هي ثلاث، غريزة البقاء: (وذلك أن الإنسان له أحساس طبيعي بالبقاء وكل ما يهدد هذا البقاء يتصرف نحوه بالإقدام أو الإحجام حسب ما يراه، فيوجد عنده شعور طبيعي)، والغريزة الثانية هي غريزة النوع: (وذلك أن فناء الإنسان يهدد بقاءه فيرغب في المحافظة عليه، وهي ليست غريزة الجنس؛ لأن الجنس يجمع الإنسان والحيوان، ولكن النوع هي لبقاء النوع الإنساني، وليس لبقاء الإنسان والحيوان، والميل للحيوان كميل الذكر للذكر أمر شاذ وليس عادياً) والغريزة الثالثة هي التدين: (وذلك أن الإنسان عندما يشعر بالعجز كأن يشعر بعجز عن إشباع غريزة النوع أو البقاء، فإنه يلجأ إلى الله، فتبرز عند الشعور بالاستسلام، كما تبرز في التصفيق للزعيم والبطل).

 

على أن الإنسان عنده طاقة حيوية، وهذه الطاقة تقسم إلى طاقة حتمية الإشباع وهي الحاجات العضوية، وطاقة تتطلب مجرد الإشباع وهي الغرائز، فالحاجات العضوية تتعلق بوجود الطاقة، ولكن الغرائز تتعلق بحاجات الطاقة وليس بوجودها، فهو لا يموت إذا لم يشبعها ولكنه ينزعج. على أن ما يُقال في علم النفس يُقال أيضا في علم التربية والاجتماع، وهو ناتج عن الخطأ في تطبيق الطريقة العلمية على الإنسان وملاحظة أفعاله، فلو أنهم طبّقوا الطريقة العقلية بنقل الإحساس لأفعال الإنسان وربطها بالمعلومات السابقة لاهتدوا إلى النتيجة الصحيحة. على أن الطريقة العلمية صحيحة ولكن فقط فيما يخص المادة وليس فيما يخص الإنسان كالتاريخ والأيديولوجيا، فجعلهم الطريقة العلمية أساس التفكير خطأ يؤدي إلى الحكم على عدم وجود بعض العلوم مع أنها موجودة فعلا، والطريقة العلمية فيها قابلية الخطأ .

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع