الجمعة، 14 صَفر 1447هـ| 2025/08/08م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الجرائم في الدولة يُقضى عليها بتطبيق العقوبات الشرعية

 

 

تتجدد أحداث جرائم النهب والسلب والسرقات (تسعة طويلة)؛ وهم من يقومون بتهديد المارة في الطرقات العامة بالسلاح وسلبهم أموالهم والاعتداء عليهم، وتتكرر صباح مساء بمنطقة الكلاكلة الوحدة جنوب الخرطوم العاصمة، وفي كثير من مدن السودان، ففي الأسبوع الماضي اعتدي على رجل، وهددوه بالسلاح، وسلبوا هاتفه، وسط دهشة الجميع، ثم فروا هاربين على موتورسكل، ثم ذهبوا إلى شارع آخر وسلبوا واعتدوا على شخص ثان، وثالث، وهذا كله خلال ساعات، وفي منطقة واحدة، مع تكرر وقوع مثل هذه الأحداث في الأيام الماضية بضواحي الخرطوم، منطقة جبل أولياء وأم درمان وبورتسودان وغيرها.

 

إزاء هذه الأحداث المتكررة تبرز حقيقة أن هؤلاء المجرمين قد أمنوا العقاب، فتمادوا في جرائمهم دون أن يجدوا رادعا من الدولة، هذا لأن الدولة لا تقوم على أساس عقيدة الأمة، ولا تطبق أحكامها الزاجرة والرادعة.

 

إن الإسلام قد أوجب على الدولة توفير الأمن، بأن تكون لها شرطة مجهزة بالوسائل والأساليب التي تمكنها من حفظ الأمن الداخلي، باقتدار واحترافية، وتنفيذ العقوبات الشرعية الحدية الزاجرة، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. وعن عبد الله بن عمر رضي اللهُ عنهما «أَنَّ النَّبِي ﷺ قَطَع فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ - وَفِي لَفْظٍ: ثَمَنُهُ - ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ».

 

فإذا طبقت هذه العقوبات الشرعية والحدية والزجرية فإنها حتماً ستردع المجرمين، وتقضي على هذه الظاهرة التي تفشت بشكل كبير ومزعج في مناطق سيطرة الجيش (الدولة) ومناطق سيطرة قوات الدعم السريع.

في زمن الخلافة العثمانية بفضل قيامها على الإسلام، وبتطبيق الأحكام الشرعية في السياسة والحكم والاقتصاد، والاجتماع والقضاء وغيرها كانت الرعية تتمتع بالأمن والسلام والطمأنينة، وكانت مثل هذه الجرائم نادرة الحدوث.

يقول الرحالة موتراي: (لقد بقيت في الدولة العثمانية أربع عشرة سنة، كانت حوادث السرقة فيها نادرة الحدوث مثل سائر الحوادث، أما في إسطنبول فمن النادر جداً حدوث سرقات، وكان عقاب من يقومون بقطع الطريق في الدولة العثمانية هو الموت على الخازوق، وخلال أربع عشر سنة عشت في إسطنبول ولم تقم تلك العقوبة إلا ست مرات فقط، وكلهم كانوا من الجنس الرومي، وليس معلوماً عن الأتراك قطع الطريق، ولهذا ليس هناك خوف على الجيوب من خفة اليد).

 

أما السير جيمس بورتر الذي كان سفيراً في إسطنبول، فقد قال عن ذلك بالرغم من عدائه للأتراك وللإسلام: (إن الحوادث مثل قطع الطريق ونهب البيوت كانت وكأنها غير معروفة في المجتمع العثماني، ففي الحرب أو السلم كانت الطريق آمنة مثل البيوت ويمكن لأي شخص أن يسير بمفرده في الطرق الرئيسية في كل البلدان العثمانية، ومن المثير للعجب قلة الحوادث بشكل كبير، بالرغم من كثرة عدد الرحلات والمسافرين، ففي عدة سنوات يمكن مصادفة بعض الحوادث النادرة الحدوث).

 

ويذكر أبو جيني: (في تلك العاصمة العظيمة، يتركون حوانيتهم مفتوحة كل يوم، في الأوقات المعلومة يذهبون للصلاة، وفي الليل يغلقون أبواب بيوتهم على العادة بقفل خشبي، وبالرغم من ذلك لا تحدث السرقة في العام إلا ثلاث أو أربع مرات فقط. أما غلطة وبك أوغلو المشهور بأن معظم سكانها من النصارى فلا يمضي يوم إلا وتحدث فيها سرقات وجنايات).

 

أحد الرحالة الإنجليز نشر في جريدة ديلي نيوز عن الأمن والاستقامة في الدولة العثمانية حيث يقول: (ذات يوم قمت باستئجار عربة نقل من أحد القرويين لنقل أغراضي وأغراض ضابط مجري صديق لي، وكانت كل الصناديق والأغراض مفتوحة ومكشوفة، وفيها المعاطف والفراء والأوشحة، فأردت أن اشتري بعض الأعشاب الجافة، فطلب مني أحد الأتراك الذين يتميزون باللطف والذوق، أن يرافقني، بعدها أخرج الرجل الثيران من العربة وتركها في وسط الطريق مع أغراضنا، ولما رأيته يبتعد ناديت عليه قائلا: (يجب أن يبقى أحد هنا، فقال: لماذا؟ فقلت: لحراسة أغراضنا فقال التركي المسلم: ولم هذا؟ لا تهتم إن بقيت أغراضكم في هذا المكان أسبوعا كاملا ليلا ونهارا فلن يمسها أحد، ولم أصر أنا أيضا على طلبي وذهبت، ولما رجعت وجدت كل شيء في مكانه، فقد كان الجنود العثمانيون يمرون من المكان بشكل دائم. إن هذه الحقيقة التي تواجه العين يجب أن تعلن على كل النصارى من على كراسي الكنائس في لندن، فبعضهم سيظن أن هذا مجرد حلم ولكن يجب أن يفيقوا من سباتهم هذا).

 

هذا ما شهد به الأعداء والخصوم المستشرقون الرحالة الأوروبيون، عن حالة الأمن والأمان في الدولة الإسلامية بفضل قيامها على الإسلام، وتطبيق أحكامه. أما اليوم، وفي ظل الدويلات الوطنية الوظيفية التي هندسها الكافر المستعمر لتحقيق مصالحه وغاياته الاستعمارية الخبيثة، وأسسها على عقيدة فصل الدين عن الدولة، وفرض عليها تطبيق النظام الرأسمالي، فقد فسدت حياة المسلمين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وكثرت الجرائم من سلب الأموال والقتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض وغيرها.

 

ولن يوجد الأمان والطمأنينة إلا بإقامة الخلافة، وهذا واجب الوقت والزمان، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله حسين (أبو محمد الفاتح)

منسق لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع