الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
أيها الشباب: اعملوا مع العاملين وكونوا حملة الأمانة المستخلفين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أيها الشباب: اعملوا مع العاملين وكونوا حملة الأمانة المستخلفين

 

 

تعتصر قلوب الأمهات والآباء ألماً على أبنائهم وبناتهم بعد أن يكبروا ويتركوا محيط البيت الآمن ليخرجوا إلى أجواء قاسية جافة حيث التعامل على أساس المنفعة والمصلحة المادية هو السائد في المجتمعات، ويخرجون إلى ظلم وقمع وسوء رعاية الشؤون من قِبل الحكومات، فبعد أن تكبدوا مشاق السنين في تربيتهم وتعليمهم ليعدوهم إعداداً جيداً لمرحلة الشباب المفعمة بالحيوية والصحة وتحقيق الإنجازات والإنتاج وسرعة الاستجابة، فمنهم من يريد إما تحصيل المزيد من العلم أو تأسيس حياته العملية أو يريد الزواج وتكوين أسرة، فيرتطم الشباب بعوائق كالصخور، ويصطدمون بواقع محبط لا يشجعهم على المضي قدماً، فتتضاءل عند الشباب الرغبة والإقبال على الإبداع والاختراع والتقدم، وتبقى كواهلهم مثقلة بالنفقات الباهظة والإجراءات الرسمية التي لا تنتهي، بالإضافة إلى شظف العيش، ورداءة مستويات وتدني الرواتب في مجال العمل والنفقات الحكومية، والعادات والتقاليد الضاغطة التي لا تمت للإسلام بصلة، كل هذه العوائق تغلق أمام الشباب والفتيات أبواب السعي إلى الرزق الحلال وإلى الحياة المستقرة المطمئنة، فيشعر الشاب بالعجز ويتفلت عندما تحاصره دعوات التحرر من "القيود الدينية" بحجة العولمة والحريات واندفاعهم لـ"تجربة كل شيء" فهذا سن يكتسب فيه الشباب الخبرة بالحياة، ولن يصمد الشباب أمام مغريات الحياة الكثيرة وهنا الاختبار الحقيقي، فـ"الأسلحة الفكرية" التي تزودوا بها في البيت غير كافية لصد هذه المغريات؛ وذلك لأن تكوين الشخصية يعتمد أيضاً على المناهج التعليمية في المدارس وهي المؤثرة في تقويم شخصيات الشباب الإسلامية لتتواءم مع مجهود الأسرة ومع عقيدة الشاب المسلم، إلا أنها مناهج تعليمية علمانية، أقصى ما يتعلمه الشباب الوضوء والصلاة والصوم والزكاة والحج، فالشباب اليوم في دوامة واهتماماتهم سطحية، ويفتقدون للرعاية، فالمشكلة سياسية بالدرجة الأولى، لكن مغطى على أعينهم، فلا تصلهم الأخبار الصحيحة عن قضايا الأمة الإسلامية وبالتالي لا يوجد لديهم الوعي السياسي الصحيح الذي يكشف الحقائق.

 

ومن هذه القضايا حقيقة الاستعمار الغربي البغيض، وحقيقة مفهوم الوطنية المنتشر الذي مزق جسد أمتهم، وأعلام الاستعمار المرفوعة في بلاد المسلمين والحدود المرسومة بينهم، وتُخفى عن الشباب هوية الأمة الحقيقية؛ الهوية الإسلامية، وتُغيَّر الوقائع التاريخية بحسب أجندات غربية، ولا توضح لهم مسيرة أجدادهم الخلفاء وقادة الجيوش العظام، حفظة القرآن الكريم الذين طبقوه وأصبح أثر الإسلام الإيجابي ملموساً في واقع الحياة، أحباب رسول الله ﷺ، ودولة الخلافة العظيمة، دولة رسول الله ﷺ التي أصبحت عبارة عن قصص من الماضي غير مرتبطة بنظام الحكم في الإسلام وأجهزة دولة الخلافة الراشدة التي ليس لها وجود في ذهن الشاب أو الفتاة، بل من يتكلم عن سيرة رسول الله ﷺ يُعد بمقاييس اليوم "إرهابياً" ومن يتمسك بحكم حرمة الاختلاط متطرفاً ومتشدداً، فـ"الدين يسر وليس عسر"، وهذه الأفكار رسختها وسائل الإعلام، بشتى أشكالها، في عقول وقلوب فلذات الأكباد، لتسلخهم عن هويتهم الإسلامية وحضارتهم المتميزة لتحل محلها حضارة غربية وهوية ضبابية غير واضحة المعالم للشاب والفتاة تجرهم إلى الطريق المعوج وطريق الكفر والفسوق والنفاق.

 

وبالنهاية تأثير المجتمع والرأي العام السائد أقوى من تأثير البيت والعائلة. فمن ناحية يتربى الأولاد على الصلاة والصوم وبر الوالدين، والصدق والأمانة وحب الفقراء والصبر، بينما يربيه المجتمع على القبول بالأمر الواقع، وعلى الرأي والرأي الآخر، وعلى الضرورات تبيح المحظورات، ويربيه النظام على أن هذه الأوضاع الفاسدة تحصيل حاصل ولن تتغير وأن الأنظمة باقية، وأن شخصاً واحداً لن يغير شيئاً، وأن الاستسلام والصمت هو الحل فمن خاف سلم! فتتناقض المفاهيم والمشاعر عند الشباب. فهذا التضارب بين ما يجب أن يكون عليه الفرد المسلم وبين ما يُفرض عليه على مستوى الجماعة التي تحاصرها المحرمات والانتهاكات لشرع الله تعالى من كل ناحية، تجعل الشباب يفقد ثقته في الجماعة، ويفقد ثقته في المجتمع، ويشعر بالإحباط وبكثرة الهموم، فالدولة تطبق المبدأ الرأسمالي العلماني خدمة لمصالح الغرب الكافر، فهذا خطيب المسجد وإمامه لا يتكلم إلا عن أمور مكررة هامشية يحلل كل ما يريد النظام تحليله، ويظل يتساءل الشباب لماذا تبيح الدولة التعامل بالربا وهو حرام، ولماذا لا تتحرك جيوش المسلمين للجهاد ولماذا تسمح حكوماتنا لأمريكا بقصف المسلمين في أنحاء العالم؟! وأين الانتماء لأمة الإسلام وأين تحرير فلسطين ودك عرش بشار؟!

 

ومصيبة الفتاة أكبر حيث إنها كانت تنعم في بيت والدها بالدفء وكان ينفق عليها إلا أنها اليوم مجبرة على العمل وعلى الإنفاق على عائلتها ووجدت نفسها أمام تحدٍّ آخر تروِّج له منظمات نسوية فاجرة، استغلت الأوضاع الاقتصادية المتأزمة لضرب المرأة المسلمة في دورها الأساسي بتربية الأجيال القادمة فهي الأم وربة المنزل الراعية لأسرتها، إلا أنها اليوم مجبرة على تأخير مشروع الزواج والأمومة حتى "تستقل وتعمل وتتمكن وتحقق المساواة مع الرجل"!، وفي قرارة نفسها تعلم الفتاة المسلمة وتدرك أن هذا ليس دورها الذي فرضه الله تعالى عليها في هذه الحياة، وتعلم أنها محاربة في حجابها وزيها الشرعي وأن هويتها الإسلامية مستهدفة، وبدون أدنى شك، أمتها الإسلامية مستهدفة! والحرب حرب فكرية بحتة! صراع فكري بين الإسلام وبين الكفر.

 

للخروج من هذا الضياع يجب أن يجعل الشباب من العقيدة الإسلامية مرجعاً أساسياً له فيبحث عن الحلول والتغيير على أساس الدليل الشرعي، وعليهم أن يلتزموا بمنهج البحث في الإسلام، وأن يتعلموا طريقة التفكير الصحيحة في وصف حقيقة الواقع بطريقة التفكير المبدئية الواضحة، حيث يستخدم الإنسان عقله بالأساس لإيجاد أدلة تبدأ من وجود الله تعالى والاقتناع التام بالعقيدة الإسلامية العقلية، الفكرة الكلية عن الإنسان والحياة والكون، واقتناعه بموافقتها للفطرة، وأن فيها الخير للبشرية، ثم عليه البحث عن تفاصيل أنظمة المجتمع المنبثقة عنها، في شكل أحكام شرعية مستنبطة من القرآن الكريم والسنة الشريفة، عقيدة سياسية لا لبس فيها، الحق بيّن والباطل بيّن، تصقل أفكار ومشاعر الشباب المسلم على أساس الإسلام وتنير بصيرته فيصبح المؤمن القوي الذي لا تضره التناقضات والصدمات، والذي لا يخدعه الكفار والمنافقون، فالفرق شاسع بين شاب تربى على أساس الإسلام وآخر تربى على أساس الكفر، وهذا الفرق يكمن في وجود الدولة الإسلامية المسؤولة عن تعليم الشاب مبدأ الإسلام الشامل وطريقة التفكير المبدئية، وتبقى الدولة هي المكون المكمل للأفراد والأفكار والمشاعر، فهي الكيان السياسي التنفيذي الذي يطبق هذه الأحكام الشرعية ليستقيم أمر النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي وتتوافق عقيدة المسلمين مع واقع حياتهم اليومية، ليعبدوا الله كما أراد سبحانه.

 

وحتماً سيحصل على المعلومات الفقهية الصحيحة في كتب التفاسير وشروحات الحديث والتاريخ الإسلامي وستتوسع مداركه عندما يخوض نقاشات فكرية تستند إلى العقيدة الإسلامية، فيفهم الفروض الجماعية المغيبة عنه والتي عتم عليها مشايخ السلاطين والإعلام والتعليم، وسيكتشف الشاب أن ما تعلمه في القرآن وفي السنة غير مطبق ولا وجود له على أرض الواقع وسيدرك، إن هو سار في طريق الحق وبحث عن الحقيقة بحثاً جدياً وناقش هذه القضايا مع المخلصين من أبناء الأمة، سيدرك أن سبب هذه التناقضات وسبب هذه الصدمات وسبب العوائق الضخمة التي وُضعت في طريقه، إنما هي جميعها مصطنعة وأن ما يمر به شباب المسملين اليوم واقع فاسد مفروض عليهم وجبراً عنهم، فطاقاتهم مهدورة وثروات أمتهم منهوبة وحكامهم رويبضات مسلوبو الإرادة مرهونو الرقاب بالكافر المستعمر ثقافياً وعسكرياً واقتصادياً، وهذه حقيقة يعايشونها كل يوم؛ فجهودهم مسروقة ومتطلبات الحياة فوق ما يتحملونه، ولقد ثار الشباب على هذه الدويلات الهزيلة، وطالبوا بإسقاطها، ومبدأ الإسلام هو الحل الوحيد ودولته هي المكون المفقود، وأن طريقة إقامة هذه الدولة التي هدمت في يوم 28 رجب 1342 هجرية هي طريقة رسول الله ﷺ، دولة نشرت الإسلام في ربوع الدنيا بواسطة الشباب المسلم من قبل.

 

لذلك على الشباب والفتيات أن يعوا حقيقة مهمة وهي أن وجودهم في هذه الحياة مربوط بعبادة وطاعة رب العالمين وأن حاضرهم عبارة عن "مسلسل رعب" وأن دورهم الحقيقي في هذه الدنيا هو حمل الأمانة والاستخلاف، ولا بد أن يقوموا بذلك كما حدد الله تعالى لهم في القرآن الكريم وفي سيرة رسول الله ﷺ والاطلاع على حال الشباب في وقت كان الإسلام يحكم العالم بالعدل الرباني. والدولة التي يجب أن ينشئوها على أساس لا إله إلا الله محمد رسول الله ورفع راية رسول الله ﷺ وقيادة البشرية كما أراد الله تعالى، فيكونوا كما ذكروا في الحديث الشريف الذي يعكس الاهتمام البالغ بالشباب في الإسلام؛

 

شباب نشأوا في عبادة الله وفيهم الإمام العادل ومنهم من تعلق قلبه بالمساجد والأخوة الإسلامية ديدنهم لا يتهاونون ولا يرتكبون الفواحش، يتراحمون فيما بينهم ويعبدون الله تعالى في الليل والنهار:

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». رواه البخاري ومسلم.

 

على الشباب أن لا يحيدوا عن الطريق المستقيم وأن يفهموا دورهم العظيم في هذه الحياة فهم جند الخلافة الراشدة القادمون، وعندما يدرك الشباب والفتيات هذه الحقيقة يلتصقون بهويتهم الإسلامية ويعملون لإعزاز دينهم وإيجاد الدولة الإسلامية التي تُطبق الإسلام كاملاً، وما الثوارت في بلاد المسلمين إلا ثمرة هذا الإدراك. إن ما يبحثون عنه وما ينقصهم هو الوعي السياسي الصحيح والموجه المخلص في الطريق المستقيم، هذا سيجده الشباب في الحزب السياسي المبدئي الذي سيأخذ بيدهم ويعلمهم كيفية العمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة لينهض الإسلام من جديد وتُستأنف الحياة الإسلامية فيحصل التوافق بين البيت والمجتمع والدولة فينعم الناس بالطمأنينة والسعادة، وهنا نحث جميع الشباب بأن يحضروا ندوات وفعاليات حزب التحرير وأن يقرؤوا كتبه وإصداراته وأن يتابعوا نشراته، وأن يستمعوا إلى القول فيتبعون أحسنه، فإن ما يحمله لهم حزب التحرير هو فكر إسلامي نقي، وفي ذكرى هدم الخلافة الأولى، ندعوكم لإقامتها من جديد، فأنتم عماد الأمة.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة محمد حمدي – ولاية السودان

 

 

2 تعليقات

  • khadija
    khadija الخميس، 28 نيسان/ابريل 2016م 12:59 تعليق

    جزاكم الله عن المسلمين كل خير وسدد خطاكم وحقق الله مبتغاكم انه سميع مجيب

  • إبتهال
    إبتهال الخميس، 28 نيسان/ابريل 2016م 12:30 تعليق

    جزاك الله خيرا وبارك جهودك أختاه

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع