الإثنين، 14 ذو القعدة 1446هـ| 2025/05/12م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

زيارة أحمد الشرع لفرنسا كمن يرجو من الشوك العنب!

 

أعلن قصر الإليزيه الثلاثاء أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستقبل في باريس الأربعاء أحمد الشرع، في أول زيارة للرئيس السوري الانتقالي إلى أوروبا. وقالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون سيؤكد مجددا دعم فرنسا لبناء سوريا جديدة حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم كل مكونات المجتمع السوري. وأضافت أن هذا اللقاء يندرج في إطار التزام فرنسا التاريخي تجاه السوريين الذين يتطلعون إلى السلام والديمقراطية، مؤكدة أن ماكرون سيكرر مطالبه للحكومة السورية، وفي مقدمتها استقرار المنطقة، وبخاصة لبنان، وكذلك مكافحة الإرهاب.

 

حول هذا الموضوع لا بد لنا من وقفة نصيحة ومحاسبة وكشف وكفاح:

 

أما الكشف والكفاح فهو لمخططات الاستعمار ومكرهم بالشام وأهلها؛

 

فالكافر المستعمر هو عدو الأمة اللدود وهو السبب في حالة الذل والهوان والفرقة والعذاب التي تحياها الأمة الإسلامية كلها، فهو من هدم دولتنا وقسم بلادنا واستعمرها ومص دماءها وخيراتها، ثم لما اضطر إلى الخروج منها نصب عليها حكاما عملاء له، ساموا المسلمين سوء العذاب، وجلدوا ظهورهم وأكلوا أموالهم وأفقروهم وأذلوهم، والأهم من ذلك حرموهم من عبادة ربهم كما يحب ويرضى، وطبقوا عليهم أنظمة علمانية كفرية، ومنعوهم من تطبيق الإسلام. فكانت مائة عام عجافاً لم تشهد لها الأمة من قبل مثيلا، وما زال الغرب يستميت ويصل ليله بنهاره من أجل أن تستمر هذه الحقبة السوداء المظلمة، لتبقى الأمة مستعمَرة له، ويحول بينها وبين استعادة عزتها وسلطانها وكرامتها، ويمنع تحررها من قبضته وأنيابه.

 

ففرنسا دولة سباقة في استعمار بلاد المسلمين وتقسيمها ونهب خيراتها وقتل أبنائها، فهي وشريكتها بريطانيا من استعمرتا أكثر بلاد المسلمين في المنطقة، ومنها سوريا محل الحديث، وهما من قسمتا بلاد المسلمين بعد أن هدمتا دولة الخلافة العثمانية بحدود وخيوط ضمن ما سمي باتفاقية سايكس وبيكو، وزيري خارجيتي بريطانيا وفرنسا.

 

فسوريا على وجه الخصوص كانت مستعمرة فرنسية لأكثر من ربع قرن، استعمارا مباشرا ضمن ما سمي بالانتداب، ثم خرجت بعد أن قتلت ودمرت وفتتت الشام، وخلفت وراءها حكاما عملاء لها واصلوا مسيرتها في قمع الناس وسرقة البلاد ومحاربة الإسلام، حتى كان آخر ما تسبب به الغرب المستعمر أن أوصل إلى الحكم طغاة آل الأسد الذين فاقوا الوحوش في الإجرام وفاقوا الغرب في محاربة الإسلام والمسلمين.

 

والآن يأتي ماكرون، ليتحدث كالحمل الوديع، بلسان الحريص علينا، ليدعي دعم فرنسا لبناء سوريا جديدة حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم كل مكونات المجتمع السوري!

 

فأين ذهبت فرنسا الاستعمارية يا ترى؟! أتبخرت وحلت مكانها حمامةُ سلام؟ وأين كانت طوال سنوات القهر والذل والهوان الذي لاقاه أهلنا في الشام على يد بشار وأبيه ونظام حكمهما عقودا طويلة؟! وهل لدى ماكرون وقادة الغرب انفصام في الشخصية إلى درجة أن حقوق الإنسان واستقرار المجتمعات وحرية الناس وسيادة الدول لا تظهر إلا عندما تتمكن الشعوب من الخلاص من الدكتاتوريين وأكابر المجرمين، ويبدأ الناس بالمطالبة بتطبيق الإسلام والانعتاق من الاستعمار؟!

 

الجواب، بلا شك أن فرنسا الاستعمارية لم تتبخر وما زالت هي هي، وهي لا تعاني من انفصام في الشخصية أو ضياع هوية، بل هي عينها التي استعمرت الشام عقودا، وهي اليوم تستميت في تطويع الحكام الجدد ليسيروا على درب من سبقهم في الولاء للاستعمار ومنع وصول الإسلام إلى الحكم.

 

لذلك لم يخجل قصر الإليزيه من التأكيد على مطالبه بأن يحارب الحكام الجدد الإرهاب، الذي يعرف الجميع أن المقصود به الإسلام والإسلاميون وكل من يطالب بتطبيق شرع الله ونبذ العلمانية والكفر والاستعمار.

 

وكذلك لم يخجل قصر الإليزيه من التأكيد على دعمه للديمقراطية واحترام مكونات المجتمع السوري، والذي يعني لديهم ضرورة تطبيق العلمانية، أي الكفر بنظام حكمه الديمقراطي، لضمان ضعف البلاد وتفرق أهلها تحت ذريعة ضمان حقوق كل مكونات المجتمع. ولنا في النموذج اللبناني الذي أشرفت فرنسا على وضع أسسه مثال على ما تسعى إليه فرنسا وتحلم به للشام؛ بلد ضعيف مفتت طائفيا وفاقد للسيادة وعلماني حتى النخاع. فصدق الله القائل: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.

 

أما النصيحة والمحاسبة، فهي لحكام سوريا الجدد. عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» (رواه مسلم).

 

ألا فليعلم أحمد الشرع وكل من هم معه بأن الله أوجب عليهم الحكم بالإسلام، كاملا غير منقوص، وحرم عليهم موالاة الكافرين أو الركون إليهم، إذ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ.

 

ولا خلاف في كفر ماكرون وفرنسا وأمريكا وبريطانيا وكل دول الاستعمار، فمحاولة إرضائهم أو التقارب معهم أو مسايرتهم أو التحالف معهم هو منكر عظيم ومآله إما القبول بالتحول عملاء لهم كما كان من سبق، وإما تمكينهم من رقابهم ليتخلصوا منهم عندما يستعيد الاستعمار الإمساك بزمام الأمور كما حدث في مصر وتونس من قبل. فيا لها من خسارة!!

 

وأختم بالقول إن الاستعمار ورموزه هم أعداء الأمة وخصومها، فهم شوك لا عنب فيه، ولا يرجو عاقل العنب من الشوك، ولا يصلح معهم الملاينة والمحايلة، فهم ﴿إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ.

 

فاتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في أهليكم، واتقوا الله في أمتكم، وعودوا إلى رشدكم قبل فوات الأوان، وأعلنوها كما بدأت "هي لله هي لله"، ليصلي عليكم الناس ويحبوكم، فتفوزوا بخير الدنيا والآخرة. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باهر صالح

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع