الإثنين، 12 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

هل بات العالم على أبواب حضارة جديدة؟

 

 

تخفق الحضارة الغربية إذا ما تعرضت للاختبار والامتحان، وتثبت الأحداث أنها حضارة لا تعرف من الاسم إلا حرية العري والمثلية والدياثة، وما ادعاؤها حرية الرأي إلا كذب وزيف ودجل، إلا إن كانت الحرية المقصودة هي حرية ترك الدين والقيم والأخلاق ولو كان دينا مشوها ومحرفا، فالحرية عند هؤلاء هي ترك الدين والقيم مطلقا حتى أضحت دولهم وبلادهم أقرب إلى حظيرة البهائم والدواب منها لحياة الآدميين والبشر، لذلك فإن التاريخ بسننه لن يدع هذه الحضارات وشأنها فقد اندثرت حضارات هي أعظم منها قوة وأكثر جمعا، وما هي إلا سنوات وستصبح الحضارة الغربية نسيا منسيا وسيذكرها التاريخ كما ذكر الحضارة الرومانية والبابلية والفارسية... لكن في مقابل ذلك فإن الأمة الإسلامية بدأت اليوم تنظر لسالف حضارتها بعز وإجلال وتتطلع لذلك اليوم الذي تديل على الأمم فتسمو بقيمها ومفاهيمها وأفكارها ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾.

 

من كان يظن أن دولة مثل أمريكا صاحبة تمثال الحرية، وفرنسا التي صدعت رؤوسنا بجان جاك روسو وعقده الاجتماعي، تعتقل في جامعاتها الطلاب وهيئة التدريس من المعلمين والإداريين، وتزج بهم في السجون بتهمة ممارسة الحرية والتعبير عن الرأي وتخرج تغولها تحت باب معاداة السامية، بل فوق ذلك فإنها تسوي بين انتقاد الصهيونية ومعاداة السامية، مع أن أهل السامية أنفسهم من اليهود الذين يعيشون في أمريكا وفرنسا ينتقدون ممارسات كيان يهود ولا توجه لهم تهمة معاداة السامية، فلماذا إذن خلعت الحضارة الغربية ما تبقى لها من قيم في أقل من بضعة أشهر؟! ربما يكون الجواب أن سنة الله التي جرت على الأمم الغابرة ستدركهم لا محالة وسيصبحون أثرا بعد عين، وها هي الأمة الإسلامية بدأت تعلو بقيمها وأفكارها وبدأت ترنو بأبصارها نحو أسباب عزتها وزيادة مكانتها، لتقتعد المكانة التي تليق بها؛ خير أمة أخرجت للناس، عقيدتها تهيمن على كل العقائد وحضارتها تاج على كل الحضارات وقيمها وأفكارها ستحل محل كل القيم البالية والعقائد والمهترئة.

 

لا تلبث الحضارة الإسلامية أن تغادر مقعدها وتترك مكانها حتى تعود لتمسك به وتجلس عليه من جديد، وما ذلك إلا لقوة الأصل الذي قامت عليه، والذي لا يتطرق إليه شك أو ريب في مصدره، لذلك فإن فساد الحضارة عند المسلمين إن حصل فإنما ذلك من فساد القائمين لا من فساد الأصل والمصدر، أما بالنسبة لغير المسلمين فإن الفساد آت من المصدر والأصل، فإن قام على دستور فاسد فوق فساد الأصل فإن ذلك سيكون ضغثا على إبالة وسيعجل بفساد الحضارة والمبدأ كما هو حاصل الآن في القائمين على الحضارة الغربية. ونظرة واحدة للدولة الأولى في العالم التي يحكمها ذلك المعتوه بايدن، أو بريطانيا التي على رأسها عابد للبقر، هذه النظرة تجعلنا ننتظر أفول هذه الحضارة ونستبشر بالإسلام، وليس غيره حضارة وقيما وحكما ودولة، ليحكم الأرض من جديد وينشر قيم الخير تحت راية الإسلام وتحت خليفة ودولة لا همّ لهم إلا مرضاة الله ونشر الإسلام بقيمه وأفكاره.

 

إن الدول تنهض وتبنى على فكرة، وما الأشكال المادية والتطور إلا انعكاس للجانب الفكري والقيمي، فإذا جرى التغول على الفكرة فإن الدولة سرعان ما تضمحل ومن ثم تنتهي، وهذه السنة التاريخية لا تكاد تسلم منها حضارة من الحضارات أو دولة من الدول، والحضارة الغربية هي الآن في طور الأفول والاضمحلال، وإذا أضيف لذلك تفاهة القائمين عليها من الرؤساء والطبقة السياسية فإن ذلك مؤذن بخراب العمران فيها، كما قال ابن خلدون، بأسرع مما هو متوقع، ومنطق الإحلال الفكري والحضاري الذي جرت عليه السنن الكونية لا يكاد يترك حضارة بحالها، وإن الإسلام حصرا بحضارته هو الذي سيظفر بمكانة الدولة الأولى في العالم ويحل محله، مع فارق مهم هنا وهو أن هذه الحضارة الجديدة ستتعبد الله بنشر العدل والخير بين الناس فلا يكون همها الاستعمار وأكل أموال الناس وإنما همها مرضاة الله سبحانه وتعالى.

 

عندما تصل الدولة إلى نهايتها تظن أنها مانعتها حصونها وجبروتها من الزوال فتضرب بقوتها المادية ذات اليمين وذات الشمال وتقفز عن كل فكرة وقيمة وتغفل عن القوة الحقيقية للدول والسند الطبيعي لثباتها وهو السند الشعبي، فيبدأ نجمها بالأفول وتتراجع على كل المستويات، ويكون آخره القوة العسكرية، وهذا تقريبا لم يعد له وجود فليس هناك دولة لها سند طبيعي من الناس بل إن هناك حالة من العداء والانفصام بين النظام والدولة وبين الناس، فالناس، ليس في بلاد الإسلام فحسب بل عند الغرب أيضا، لا تمثلها دولها؛ فهذه أمريكا مثلا في حالة الانقسام بين الحزبين الرئيسيين لا تكاد تخطئها عين، وكل حزب بما لديهم فرحون! وإذا أضفنا لذلك حالة التغول التي تمارسها السلطة والدولة على أبنائها من الطلاب والإداريين والمحتجين من طلاب الجامعات تحت معاداة السامية فتعتقل وتضرب وتسجن المئات من الطلاب، فإننا بهذه النظرة نكون أمام دول قد اقتربت شمسها من الأفول كما عنونت لهذا مؤسسة راند الأمريكية في قراءتها الأخيرة لما آلت له الأوضاع في أمريكا، فأمريكا والغرب والحضارة الغربية لن تلبث إلا قليلا حتى يطحنها التاريخ ويطويها، ﴿سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾، وستكون هناك حضارة جديدة تعامل الناس كلهم بوصفهم بشراً وتراعي إنسانيتهم على اختلاف أديانهم وعقائدهم، فليس من المقبول عقلا وواقعا أن تحل حضارة مكان حضارة من نفس جنسها وقيمها، وإذا أضفنا لذلك أننا كمسلمين قد وعدنا هذا في القرآن والسنة وأن دولتنا القادمة القريبة إن شاء الله ستملك الكرة الأرضية شرقها وغربها، فإننا بذلك سنكون أكثر يقينا أننا سنرث الأرض، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ وقال ﷺ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خالد الأشقر (أبو المعتز بالله)

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع