الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَمَا الْقَتْلُ مَا شَاوَرْتَ فِيهِ وَلا الَّذِي *** تُّخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتَ أَنَّكَ فَاعِلُهْ!

 

لا يبدو أن إيران أو أيا من أحزابها وأتباعها معنيون بتصعيد غير محسوب، والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة، فالحروب التي خاضها أشباههم منذ حرب الـ48 وحتى الـ67 والـ،73 وما بعدها هي حروب منضبطة أقرب إلى الحروب المتفق عليها، والتصريحات الإيرانية بشأن الضربة الموعودة ضد الكيان، إن حصلت، فستكون حربا إعلامية تحفظ بها إيران ما بقي من ماء وجهها بعد أن مرَّغ الكيان أنفها وأنف حزبها اللبناني بالتراب باغتيال هنية وشُكر في داخل الأراضي الإيرانية واللبنانية.

 

فمن المرجح بعد الصفعات المتتالية أن ترد إيران وحزبها ردا باهتا لا يقتل عدوا ولا يفقأ عينا، والتحركات الأمريكية والمحادثات العلنية والسرية مع إيران وأتباعها تصب في هذه الخانة، وهي أن لا تخرج الضربة أو الحرب عن السيطرة، فأمريكا لا ترغب بخروج اللاعبين عن خط التماس حتى لو سمحت لإيران بضرب الكيان زيادة عن الضربة السالفة قبل ثلاثة أشهر فإنما هي لكبح تصرفات نتنياهو ومن حوله من المساطيل حتى يقبل بالمفاوضات التي تظن إدارة بايدن الديمقراطية أنها إن نجحت بإيقاف الحرب في غزة والبدء بالمفاوضات فقد يكون ذلك ضمانة لنجاحهم في دورة ثانية من الحكم، وما زال نتنياهو يعاند أمريكا في عدم قبوله بحل الدولتين.

 

إن حرباً غير محسوبة النتائج لا إيران ولا الكيان معنيين بها، وإيران لم تجعل يوماً همها تحرير فلسطين أو محاربة كيان يهود، وإنما إذا احتاجت أمريكا أن تضغط على الكيان استخدمتها، وإلا فإن يهود قد قتلوا العشرات وقصفوا مئات المواقع لها في الشام ولم تحرِّك ساكنا، والأمر لا يعدو ذلك، ولكن أمريكا تخشى أن تخرج من هنا أو هناك أصوات نشاز فتفسد عليها عملها في ضبط الإيقاع، لذلك تراها تتحرك بوزيري خارجيتها ودفاعها ورئيس هيئة الأركان خاصتها لتضبط إيقاع الحرب حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، لذلك أجلبت خيلها ورجالها للمنطقة، بحاملة طائرات وفرق وأسلحة كثيرة حتى لا يحدث ما لا يحسب حسابه.

 

إن إيران ليست دولة مبدئية وليست لها مصالح تذكر في قتالها كيان يهود لكنها تخدم أمريكا منذ عهد الخميني وإلى يومنا هذا، وكونها جزءا من المنظومة الدولية فإن قراراتها لا تخرج عما يُسمى القوانين الدولية والإرادة الدولية، وإن إبقاء كيان يهود في بلاد المسلمين وفي فلسطين تحديدا قد جرى عليه تواطؤ عالمي من الأنظمة الحاكمة وإيران جزء من ذلك، وأفضل الأنظمة والحركات طريقة من يطالب بدولة للفلسطينيين على حدود الرابع من حزيران 1967، أي ما احتل بعد الـ67، أما ما احتل قبل ذلك فليس هناك من يطالب به أو يتحدث عن تحريره، وليست إيران ببدع من الدول وليس حزبها في لبنان إلا جزءا منها وعلى طريقها، وما الشعارات الجوفاء بـ"الموت لـ(إسرائيل) وأمريكا" إلا شعارات خالية من كل مضمون ولكنها تفرقع.

 

ألم تكن إيران قد صرحت على لسان مسؤولين كبار فيها أن تحرير فلسطين وإخراج اليهود منها لا يستغرق من (الجمهورية الإسلامية) أكثر من ربع ساعة؟ وفي رواية أخرى أكثر من سبعة دقائق ونصف؟! يعني لو بدأت إيران حربها ضد الكيان بعد صلاة الفجر فإنها ستنهيها قبل ركعتي الإشراق، فلماذا إذن؟!

 

إن الحرب الحقيقية التي ستحصل بين كيان يهود وبين الأمة الإسلامية بوصفها أمة لن تكون تحت القرارات الدولية ولا تحت أعلام التقسيم، ولن تراعي القوانين الدولية بل ستكون حربا يشارك فيها الحجر والشجر وستكون الغلبة فيها للمسلمين بإذن الله، فالدول المبدئية - وليست إيران منها - إذا قررت خوض الحرب فلا تنظر للموقف الدولي ولا للقوانين الدولية ولا تبدأ بالتهويش يوما أو أسبوعا أو شهرا قبل أن تضرب في مكان وزمان متفق عليه، وإنما تخاض الحروب على شاكلة مؤتة والقادسية وعين جالوت...

 

أما أن تتناولها القنوات الإخبارية والصحف وتصبح (ترند) فهذه وأمثالها ليست حروبا وإنما ألهيات يضحكون بها على البسطاء من أتباعهم وأشياعهم! وقد قال الشاعر الجاهلي:

 

وَمَا الْقَتْلُ مَا شَاوَرْتَ فِيهِ وَلا الَّذِي *** تُّخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتَ أَنَّكَ فَاعِلُهْ!

 

لكننا مع كل هذا التوصيف السوداوي نثق بأن الله سبحانه سيخرج من هذه الأمة ثلة بل ثُلّات وثلل كما أخرج من غزة وقبلها من الشام طلائع مجاهدة تقدم الموت على الحياة، ولو حُدِّثنا عن غزة دون أن نرى بطولات أهلها وثباتهم وصبرهم لقلنا: إن التاريخ لا يخلو من دس، أما وقد رأيناهم رأي العين ورأينا بطولات الشيشان قبل ذلك، وليست الفلوجة من ذلك ببعيدة، فإن يقيننا بنصر الله وتمكينه لهذه الأمة آكد وآكد.

 

وأخيرا فإن فلسطين لن يحررها من ساهم في بيعها، وقد سُلمت ليهود بوصفهم يهودا وغلب على ذلك الطابع الديني، فهي قضية تآمر عليها الجميع فسُلبت من المسلمين واقتطعت من دولة الخلافة، فهي قضية دينية من أولها لآخرها، وليست قضية أهل فلسطين بوصفهم أصحاب حق أو أهل أرض بل بوصفهم مسلمين يقاتلون يهود على كل شبر من أرض فلسطين حتى يخرجوا منها، هذا هو التوصيف العقدي للقضية الفلسطينية، وهذا التوصيف لا يناسب إيران ولا أحزابها ولا الدول القائمة في الكرة الأرضية، بل الكل حريص على وجود الكيان أكثر من حرص الكيان على نفسه، وها هي أمريكا وأوروبا والأنظمة الخائنة في بلاد المسلمين تحاول منع يهود من إيذاء أنفسهم وتبعدهم عن كل ما من شأنه أن يدمر كيانهم أو يلحق الضرر بدولتهم.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خالد الأشقر (أبو المعتز)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع