الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

سياسة الإقالة والتعيين هل ستحل مشكلة الحكم في السودان؟

 

 

 

أصدر البرهان، رئيس مجلس السيادة، يوم الأحد 2024/11/3م، قرارا بإنهاء تكليف وزراء الخارجية، والإعلام، والأوقاف، وتعيين بدلاء عنهم. وكان عين في 17 نيسان/أبريل الماضي، وزير الخارجية المقال اليوم. وفي آذار/مارس 2024م، أقال كذلك رئيس المفوضية القومية للحدود وعين بديلاً له. والعام الماضي، في آذار/مارس 2023م، أقال حكام 3 ولايات وعين آخرين، وذكرت وكالة الأنباء (سونا) أن "البرهان أصدر قرارا بإعفاء وتعيين ولاة بولايتي غرب وجنوب كردفان، وولاية البحر الأحمر". وفي أيار/مايو 2023م وبسبب الحرب وبعد شهر من اندلاعها أقال نائبه حميدتي وعين مالك عقار خلفا له. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2023م، أصدر قراراً بإنهاء تكليف وزراء الطاقة والنفط، والتجارة والتموين، والنقل والعمل والإصلاح الوزاري، ووزير الثروة الحيوانيّة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2023م شملت التعديلات 4 وزارات هي الداخلية والعدل والصناعة والشؤون الدينية والأوقاف، إلى جانب إقالة حكام 6 ولايات هي الجزيرة، كسلا، غرب كردفان، وسط دارفور، جنوب دارفور، والولاية الشمالية، وتعيين ولاة جدد لـ4 منها. ولم يكشف البيان أسباب هذه الإقالات.

 

وفي أثناء حكم البشير جرى تغيير عدد كبير من الوزراء والحكام والحكومات، خاصة بعد كل فشل أو إخفاق حكومي، وكان من أوضح هذه التعيينات، ما سمي بحكومة الوحدة الوطنية مع الحركة الشعبية بعد اتفاق نيفاشا 2005م التي أدت للأسف إلى فصل الجنوب. ثم كانت حكومة الوفاق الوطني بعد ما سمي بالحوار الوطني الذي رعاه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر مبيناً ذلك في تقريره 18-25 كانون الثاني/يناير 2024م الذي أكد فيه "تعهدات" الرئيس البشير خلال لقاء جرى بينهما في الخرطوم، قبل خطاب "الوثبة" بحوار وطني حقيقي، وحل سلمي للخلافات، وكيفية تشجيع الفصائل السياسية المعارضة للمشاركة في الحوار (الراكوبة، 2024/2/5م).

 

والذي يؤكد فشل النظرة السياسية لهذه التعيينات والإقالات وأنها عبارة عن مأكلة وترضيات وليست حكما وأمانة ورعاية لشؤون الناس، هو ما قاله الرئيس البشير في مؤتمر صحفي، على هامش تنصيب نائبه بكري حسن صالح رئيسا للوزراء: "الكيكة صغيرة والأيادي كثيرة ويتنافس عليها 90 حزباً وأكثر من 40 حركة مسلحة ستجد موقعها في السلطة التنفيذية والتشريعية". (سكاي نيوز، 2017/3/3م). وهذه آخر حكومة سقط بعدها الرئيس البشير.

 

وبعد الثورة جاءت حكومة حمدوك والبدوي التي سميت بحكومة التكنوقراط والكفايات، تربع بها عدد من الوزراء والحكام على مناصب الحكم والإدارات ولكنها أوصلت البلاد إلى الفوضى والفشل نفسه. حيث شكا حمدوك من عدم تسلمه برنامجاً للحكم من قوى الحرية والتغيير الحاضنة السياسية له. في حين كان أتباعه يصفونه بالمؤسس والمخلِّص! كما طالب البدوي وزير المالية بخبراء من البنك الدولي للمساهمة في معالجة مشاكل الاقتصاد في السودان. فكيف يكون أمثال هؤلاء أصحاب أهلية وكفاية؟!

 

كل ذلك يؤكد أكذوبة ما يسمى بحكومة التكنوقراط ويبين عدم امتلاكها لفكرة سياسية مبدئية للحكم. لذلك لم تقدم هذه التغييرات في الوزراء والحكام إلا مزيداً من الفشل وجر البلاد إلى الحروب والفوضى.

 

بل لم تجب هذه التعيينات والإقالات على أسئلة حقيقية بماذا تحكم البلاد؟ وكيف تحدد الحقوق والواجبات؟ وكيف تحدد الجرائم والعقوبات؟ وما هي نظرتها للمشكلة الاقتصادية؟ وواردات المال ونفقاته؟ وكيف توضع موازنة الدولة؟ وعلى أي أساس تحدد بنودها؟ وعلى أي نظام؟ وهل هذا النظام يتوافق مع عقيدة الناس أم يتناقض معها؟ وأكدت أن الشهادات الجامعية والدرجات العلمية لا تكفي وحدها لتولي منصب الحكم ورعاية شؤون الناس.

 

كما عجزت هذه التعيينات والإقالات عن علاج مشاكل وأزمات حقيقية مثل أزمة الحكم؛ فما زال النقاش إلى اليوم كيف يحكم السودان؟ ولم يستطيعوا تحديد الهوية في بلد 99% من أهله مسلمون! وفي أزمة الاقتصاد حيث انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بشكل جنوني دون أي معالجات، ولم تقدم الرؤى لكيفية إدارة الثروات الضخمة التي يتمتع بها السودان. كما تتفاقم مشكلة الفقر بالرغم من أن السودان يعتبر من أغنى بلاد العالم إلا أن غالبية أهله يعيشون تحت خط الفقر! كما تتكرر حوادث السيول والأمطار وإغلاق الطرق وتدمير البيوت بالرغم من أن مياه الأمطار نعمة من الله تعالى، فما الذي يمنع أن تصنع خزانات المياه الضخمة لمياه الشرب، والزراعة، وصناعة الأسماك، والدواجن، واللحوم والألبان...إلخ؟! والعجيب في الأمر أن مياه الأمطار تغرق الطرقات في العاصمة بورتسودان وأغلب أحيائها تشتري مياه الشرب!! وأزمة الكهرباء في بلاد تحيط بها الأنهار والبحار والأمطار والترع والسدود، من كل مكان، ولكن برغم ذلك تعجز الدولة عن توصيل الكهرباء للناس! ناهيك عن سوء خدمة الاتصالات والإنترنت رغم أخذ شركات الاتصال استحقاقها المالي من الناس! مع انتشار الصراعات القبلية التي أصبحت متحكمة في مؤسسات الدولة وأصبحت أداة لتمزيق البلاد، بالإضافة إلى أزمة تحكم الدول الاستعمارية، حيث تحول السودان من الاستعمار البريطاني، إلى الاستعمار الأمريكي في عهد الرئيس النميري، وظلت أمريكا متحكمة في السودان وتنهبه وتسيطر عليه عبر جنرالات الجيش، حتى اليوم، فهي المشعل الحقيقي للحروب وصناعة المليشيات، لتحقق أجندتها، مثل الحركة الشعبية التي فصلت بها أمريكا الجنوب، وما زالت تتحكم عبر عملائها في قيادات القوى العسكرية وقوات الدعم السريع.

 

وخلاصة القول إن هذه التغييرات للحكام والوزراء لم تنجح في حل مشاكل البلاد بل ازدادت الأوضاع سوءا لأن النظرة قائمة على تغيير فلان بفلان، وتغيير الوجوه وليس تغيير العقلية التي تدار بها البلاد... والحديث عن الأشخاص وليس النظام الذي يؤسس للحياة الكريمة، أما هؤلاء فلا يمتلكون فكرة سياسية عميقة مستنيرة من عقيدة الناس ليقوم عليها الحكم وتقدم بها الحلول. لذلك يستمر الفشل وتستمر عملية الإقالات والتعيينات حتى ينعم الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة بتغيير جذري على أساس الإسلام لتطبق أحكامه وتقام شريعته في دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ليصل الإسلام إلى الحكم فتكون السيادة للشرع وليس للبشر، لا مدنيين ولا عملاء للمستعمرين، والسلطان فيها للأمة وليس لجنرالات يغتصبون الحكم عبر الانقلابات العسكرية!

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد جامع (أبو أيمن)

مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع