السبت، 19 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

ما بين عملية طوفان الأقصى وسقوط فاجر الشام دعوة للتأمل

 

 

منذ عملية طوفان الأقصى وحتى فرار المجرم بشار تكثر التحليلات السياسية، والتوصيفات المتطاولة البنيان من هنا وهناك، حتّى إن القراء يفقدون شغف القراءة لكثرة ما يكتبه أصحاب الأقلام الحرة منها والمستأجرة، وأصناف ما يلقيه المتكلمون، أصحاب الرؤية الواحدة أو الأمزجة المتقلبة.

 

ثمَّ في سيل تلك التحليلات، وما إن تتخبط في قراءتها أو سماعها، وتلقي شباك الحيرة والبحث عن فرص النجاة للإنسان من واقعه المأسوف عليه، وحاله المشكو منه، حتَّى تلقي بك أمواج تلك التحليلات خالي اليدين، فلا تجدُ فيها حلاً مطروحاً للأمة يخرجها من نكبتها، ودواءً لجراح جسدها المُقعَد، فالشام تنزفُ، والعراقُ محتل، وعلا لطائفة الكلابِ نباحُ، والقُدس مأسورة ومصر مقيدة، وأحاط بالحرم الشريف سِفاحُ، فالمسلمون مكبلون، وحولهم شيد سياجٌ، وطغى عليهم حاكمٌ سَفَّاحُ.

 

فيكاد يكونُ سبب البلاء هو هذه العقول التي تنظر ولا تبصر، وتقول ولا تتدبّر، فما دامت النظرة سطحية بأن يُنظَر للأحداث من الزاوية التي صنعها لهم النظام العالمي الجديد، زاوية الفردية الأنانية، والتفرقة والتقسيم مقيد بقيود سايكس بيكو، واللهث وراء المنافع والمصالح، وما دامت الفكرة وثنيةً جاهليةً باسمها المزخرف بالوطنية، والرضا بتسلّط حُكم العقول الضَّالة ودساتير الكُفر القادمة من مستنقعات الليبرالية الغربية، فضلاً عن تسلّط قوى الاستعمار على المسلمين عبر حكام الارتزاق والخنوع لرغبات ما يسمى بالنظام الدولي، وما دامت الرابطة منحطَّة بأن ينظر المسلم لنظيره خارج الحدود التي رسمها الكافر المستعمر على أنه أجنبي دمهُ مهدورٌ إن هو تجاوز تلك الشباك؛ فلن تنهض الأمة مما وصلت إليه من انحطاطٍ وذلٍّ وهوانٍ ليس لها يدٌ فيه إلا أنها رضيت به، ولا يمنعها من النهضة لتغيير واقعها إلا التفافُها حول قيادةٍ مخلصةٍ لربها وواعيةٍ على دينها ومبدئها، وبصيرةٍ بشؤون ومصالح أمّتها.

 

إنَّ النظرة العميقة المستنيرة للأحداث تظهر تفوّق أمة الإسلام في كل المجالات، لكن ما ينقصها هو إقامة كيانٍ تنفيذي يحمل عقيدتها ومبدأها، وتستعيد سلطانها، وتعود كلها جسداً واحداً، تمتثل أمر ربها، وتطبق أحكام دينها، فتعود مهيمنةً على العالم بخيرها، وتنشر رسالة الإسلام إلى الناس كافة بالدعوة والجهاد.

 

وإنَّ الفكر الإسلامي جاء ليحل مشاكل الإنسان، فجاءَ الإنسانُ بالفكر الليبرالي المتحرر من القيود، والنظام الرأسمالي الاستعماري، وفصل الدين عن الحياة؛ لإشقاء الإنسان، وجعله عبداً لإنسانٍ مثله، يشرّع له الأنظمة ويسن له القوانين من دون الله سبحانه، واسترخص عقله وبدنه مقابل المال، في حين خلقه الله وكرمه بالعقل وجعل له مهمةً هي الاستخلاف في الأرض، وعمارتها بالإسلام، وعبادة الله وحده، والدعوة إليه ونشر الإسلام ليعم أصقاع الأرض، وغايته من ذلك هي رضا الله وحده جل في علاه.

 

وإنَّ الرابطة التي تربط أبناء الأمة هي رابطة العقيدة الإسلامية، وهي وحدها التي تجعلهم كالجسد الواحد «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ»، فالوطنية والقومية متى عششت في الرؤوس جعلتها كالبيت الخرِب، ومتى سكنت القلوب قلبتها جوفاء مظلمة، ومتى حطّت في الإنسان انحطّت به حتى تصير البهائم خيراً منه.

 

فتأمل أخي المسلم في هذه الأحداث التي تمر بها الأمة اليوم؛ مشاهد حية أيقظتها بمجموعها ولفتت انتباهها وأصبح الصغير قبل الكبير يفكر بالحلول بالرغم من الظروف القاهرة التي حشرت بها الأمة والتي أشغلتها عن التفكير بالحلول الجذرية لواقعها؛ فأحداث غزة ولبنان وسوريا كسائر بلاد المسلمين، خَلاصُها من مصائبها هو باقتلاع العملاء وقطع أيدي الكفر والطاغوت المسلطة على الأمة، والتحرر من هيمنة قوى الكفر، وقطع الحبل الممدود ليهود ﴿وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ ومن ثم إقامة حكم الإسلام العادل، حينها، وفقط حينها، تسعد الأمة بفوزها برضا الله أولاً، واستعادة المجد بإقامة فروض العزة الثلاثة: الخلافة، والدعوة، والجهاد، ثم إخراج البشرية من كدر الرأسمالية، وضلال العلمانية، وظلمات الكفر والفقر، إلى نور الإيمان، وهدى الإسلام، وعيش حياة كريمة بعيداً عن فساد الليبرالية وضَلال الأهواء، وشقاء الجاهلية الشعواء، قريباً من رضا رب الأرض والسماء، فكن من العاملين لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ، والتحق بصفوف العاملين لها مع حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، ولتقومن الخلافة، وليتمَّن الله هذا الأمر، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز. ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. بكر الورافي – ولاية اليمن

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع