الخميس، 09 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
انتقاد السّفير الأمريكي لاتفاقية سايكس بيكو: ستار دخان للخداع

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

انتقاد السّفير الأمريكي لاتفاقية سايكس بيكو: ستار دخان للخداع

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

التقى توم باراك، السّفير الأمريكي في أنقرة والمبعوث الخاص لسوريا، مؤخراً مع أحمد الشّرع، رئيس الحكومة الانتقالية السورية، في إسطنبول. بعد هذا الاجتماع، نشر باراك بياناً عبر حسابه الرسمي على منصة إكس، قال فيه: "قبل قرن من الزمان، فرض الغرب خرائط ووصايا وحدوداً رسمتها حكامه، وحكماً أجنبياً. لقد قسّمت سايكس بيكو سوريا والمنطقة بأسرها، ليس من أجل السلام، بل من أجل مصالح إمبريالية. هذا الخطأ جعل أجيالاً تدفع ثمنه، لن نكرره، لقد ولّى عصر التدخل الغربي. المستقبل للدبلوماسية القائمة على الحلول الإقليمية والشّراكات والاحترام المتبادل.

 

بدأت مأساة سوريا بالانقسام، يجب أن تتجذّر إعادة إحياء سوريا في الكرامة والوحدة والاستثمار في شعبها. يبدأ هذا بمواجهة الواقع، وضمان المساءلة، والعمل مع المنطقة. مع سقوط نظام الأسد، فُتح باب السلام - ومع رفع العقوبات، نُمكّن الشعب السوري من عبور هذا الباب أخيراً وإعادة اكتشاف طريق الرخاء والأمن". (وكالات، 26 أيار/مايو 2025)

 

التعليق:

 

إنّ صدور هذا التصريح من توم باراك، وهو مبعوث لأمريكا الاستعمارية، يكفي للتشكيك في صدقه. لا داعي لإعادة صياغة الصورة، فلطالما كانت أمريكا العدو اللدود للإسلام والمسلمين. ومنذ الحرب العالمية الثانية، لعبت دوراً رائداً في الاحتلال والنهب والمجازر المستمرة في منطقتنا.

 

علاوةً على ذلك، تكشف خلفية باراك الشخصية الكثير عن الدور الخبيث الذي يلعبه في حرب أمريكا على الإسلام. فهو ليس فقط شريكاً مقرباً وشريكاً في لعبة الغولف مع المتغطرس دونالد ترامب، بل هو أيضاً ملياردير عقارات ذو جذور لبنانية واستثمارات مربحة للغاية في السعودية. قبل تعيينه سفيراً لأمريكا في أنقرة في نيسان/أبريل، أدلى التصريحات التالية حول دور تركيا وتوقعات أمريكا منها بشأن سوريا:

 

"بصفتها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، استجابت تركيا لدعوة الرئيس ترامب لزيادة مساهماتها الأمنية الأوروبية، والتزمت بإرشادات الناتو أو تجاوزتها. تركيا شريك في قطاعات مثل الفضاء، ومستورد رئيسي للغاز الطبيعي المسال الأمريكي. كما تمتلك احتياطيات معدنية حيوية غير مستغلة (العناصر الأرضية النادرة)، ما يجعلها شريكاً استراتيجياً في سعينا لتنويع مصادرنا بعيداً عن سلاسل التوريد الصينية".

 

أيُّ عاقلٍ يُدرك بسهولةٍ أنَّ انتقادَ هذا الرّجل المزعوم لاتفاقية سايكس بيكو، وإنْ كان مُغلَّفاً بعباراتِ السلامِ والاستقرار، هو في الواقعِ محاولةٌ مُبطَّنةٌ للحفاظِ على المصالحِ الاستعماريةِ الأمريكيةِ وتعزيزِها. وحدهُم مَن سلَّموا عقولَهم وأرواحَهم للغربِ سيُصدِّقونَ كذبةَ أنَّ الولاياتِ المتحدةَ تنوي جلبَ الرخاءِ إلى الشرقِ الأوسط.

 

بينما يُدينُ باراك اتفاقيةَ سايكس بيكو والاستعمارَ الغربيَّ - مُشيطناً أوروبا أساساً للهيمنةِ على الكعكةِ وحدها - يفرِضُ في الوقتِ نفسهِ توجيهاتٍ على تركيا وسوريا. فهو يتحدّثُ عن دبلوماسيةٍ قائمةٍ على "الاحترام"، ومع ذلك يُسندُ إلى تركيا دوراً عسكرياً يتماشى مع الأهدافِ المبدئية الأمريكيةِ، ويضعُ نصب عينيه مواردَها المعدنيةَ غيرَ المُستغلَّة. كما أنه يطالب القيادة السورية ضمنياً بتنازلات مقابل رفع العقوبات، مثل تطبيع العلاقات مع كيان يهود على حساب الدم الفلسطيني، وترحيل اللاجئين المجاهدين، ومحاربة أي مشروع دولة إسلامية تحت ستار مكافحة تنظيم الدولة.

 

وبينما يؤكد أن مأساة سوريا بدأت بالتقسيم، فإنه يخفي حقيقة أن أمريكا وضعت حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا، ودعمته بعشرات الآلاف من شاحنات الأسلحة، وحمت نظام الأسد لأكثر من 14 عاماً. والحقيقة أن الإدارة السورية الجديدة - التي ابتعدت تدريجياً عن المُثل الثورية بسبب سياسات تركيا المزدوجة - أعلنت أنها لا تُشكل أي تهديد لأمريكا وتسعى علناً للتعاون.

 

وهكذا، وكما كان الحال خلال عهد سلالة الأسد الأب والابن، تعود سوريا مرة أخرى لتصبح ملكاً مُحكماً لأمريكا، ولم تعد هناك حاجة لبطاقة التقسيم.

 

والحقيقة هي أنّ التدخل الغربي في البلاد الإسلامية لن ينتهي أبداً. قد يتحول شكل الوصاية إلى شركاء عسكريين مثل تركيا، لكن الهجوم الاستعماري لن يتوقف أبداً. كلام السفير المعسول، الممزوج بالسم، مُضلِّل؛ لأن الشرق الأوسط يبقى منصة الانطلاق الطبيعية للدعوة الإسلامية، ويحمل أقوى الإمكانات لإعادة إقامة الدولة الإسلامية. لن تترك الولايات المتحدة والغرب هذه المنطقة أبداً لمصيرها. في الواقع، قبل توليه منصبه في أنقرة وسوريا، اختتم توم باراك أحد تقييماته بقوله: (إذا اخترتم تثبيتي، أودّ أن أشارككم مبدأً توجيهياً سيكون بمثابة القوة الدافعة لمهمتي: "إذا كان السوط كافياً، فلن أسحب السيف أبداً؛ وإذا كان لساني كافياً، فلن أستخدم السّوط أبداً. إذا كان هناك خيط واحد يربطني بصديق، فلن أدعه ينقطع. إذا سحبني، أرخيته؛ وإذا أرخى، سحبته").

 

لذا، فإنّ الحذر من ابتسامة أمريكا، ورفض صداقتها، وبدء صراع سياسي مفتوح ضدها، بالتوكل على الله ثم دعم الأمة، على أساس المنهج النبوي ومشروع الخلافة الراشدة ليس مجرد مسألة إيمان، بل هو أيضاً السبيل الوحيد لخلاص الأمة ونصرها.

 

﴿إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد أمين يلدريم

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع