- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
تدهور بالغ في تعامل الحكومة الإندونيسية مع وباء كورونا
الخبر:
ارتفع عدد المصابين بفيروس كورونا، إلى 309 شخصاً، مات 25 منهم، كما صرح به المتحدث باسم الحكومة الخاصة لفيروس كورونا، أحمد يوريانتو، في مؤتمر صحفي في جاكرتا يوم الخميس (سي إن إن إندونيسيا، 3/19). وبينما تم حث الشعب الإندونيسي على العزل الذاتي لأجل منع انتشار وباء كورونا فوجئ الشعب الإندونيسي باستمرار دخول العمال الأجانب الصينيين في البلاد حيث تداولت وسائل الإعلام خبر وصول 49 عاملا أجنبيا من الصين إلى كنداري، جنوب شرق سولاويزي، ما أدى إلى تواتر الردود من الشعب الإندونيسي. وقد اختلفت البيانات من جهة الحكومة الإندونيسية، أولا: صرح وزير التنسيق للشؤون البحرية والاستثمار لوهوت بنسار بانجايتان حول وجود 49 عاملا أجنبيا من الصين دخلوا إندونيسيا للعمل، وأكد الوزير عدم وجود إجراءات غير قانونية قام بها هؤلاء العمال، وبحسب بيانه فإنهم قد تقدموا بطلب للحصول على تأشيرة من السفارة الإندونيسية في بكين. من جهة أخرى، ردت وزارة القوى العاملة، من خلال الأركان الخاصة لوزارة القوى العاملة، السيدة ديتا إنداه ساري، أن هؤلاء العمال ليس لديهم تصريح عمل من مديرية مراقبة استخدام العمالة الأجنبية، فمجيئهم غير قانوني. لهذا السبب، أُمروا بالمغادرة من مركز الشركة. (ديتيك كوم، 3/18).
التعليق:
لا شك أن دخول الأجانب لا سيما الصينيين في خضم حالة طوارئ فيروس كورونا في إندونيسيا، سواء كعمال أو سواح هو نفسه تجاهل التعاطف الذي يجب أن تظهره الحكومة لشعب إندونيسيا، فقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية كوفيد-19 جائحة عالمية، ودخلت إندونيسيا في حالة طوارئ كوفيد-19 بالفعل، حيث ارتفع عدد المصابين إلى هذا العدد بشكل سريع. ويبدو أن الحكومة الإندونيسية بطيئة للغاية لمواجهة هذه الكارثة، ولم تتعلم من الدول التي أصيبت بهذا الوباء، بل يظهر أن هناك تدهورا بالغا في مواقفها، حيث يظهر ذلك في النقاط التالية:
أولا: غفلة الحكومة الإندونيسية عن القيام بالأعمال الاستباقية لمنع انتشار وباء كورونا في البلاد، وفي الوقت نفسه يظهر للشعب الإندونيسي محاولة الحكومة إخفاء معلومات حول فيروس كورونا، ليظهر أن إندونيسيا خالية من هذا الوباء. وحين شاعت الشكوك بين الشعب الإندونيسي حول مصداقية البيانات الرسمية، اتهمت الحكومة أن هناك أشخاصاً يقومون عمدا بنشر الأكاذيب عن إصابات فيروس كورونا في إندونيسيا، كما صرح به وزير التنسيق للسياسة والأمن، السيد محفوظ، حيث قال: "حتى الآن لا تزال إندونيسيا خالية من فيروس كورونا، والذين قالوا حول فيروس كورونا ما هم إلا الأشخاص الذين يريدون إثارة مشكلة.." (2/29). ولكن الشكوك لم تأت من الداخل فحسب، فقد شكك رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، في قدرة إندونيسيا وجهدها في اختبار إصابة كوفيد-19، حين اختبرت إندونيسيا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 270 مليون نسمة، حوالي 136 شخصاً فقط، وحصلت على نتائج سلبية من إصابة كوفيد-19. وظلت هيئة الصحة الإندونيسية تحتفظ بمطالبتها بشأن عدم وجود حالات إصابة بفيروس كورونا في البلاد، حتى جاء تصريح رئيس الجمهورية، جوكو ويدودو، بعد يوم واحد من نفي وزير الصحة، عن اكتشاف إصابة اندونيسيين بشكل إيجابي، وذلك في يوم الاثنين (2020/3/2).
ثانيا: تقديم المصالح الاقتصادية على صحة الشعب، وذلك يظهر من سياسة الحكومة الإندونيسة في تعزيز قطاع السياحة على الرغم من انتشار وباء كورونا بشكل مرعب في دول العالم، حيث دفعت الحكومة حوافز مالية بقيمة 10.2 تريليون روبية أي حوالي 742 مليون دولار أمريكي، تم تقديم حوالي 3.3 تريليون روبية منها كمنح للحكومات المحلية المتأثرة بانخفاض عدد السياح الوافدين. لأجل هذا يفهم تردد الحكومة في إعطاء البيانات حول إصابة كورونا، لتناقضها مع جهودها المبذولة لتعبئة السياح الأجانب والمحليين. لأجل ذلك كثيرا ما تتغير بيانات الحكومة حول المصابين، مثلما حصل لأحد المصابين في مدينة تشي آنجور، حيث جاء التقرير مؤخرا أنه مات بسبب إصابة كورونا بعد أن أخبر أن نتائج الفحص له سلبية من الإصابة.
ثالثا: تقديم المصالح الأجنبية لا سيما الدول التي لها يد في إعطاء الديون لإندونيسيا مثل الصين. لأجل ذلك استمرت الحكومة في فتح الباب على مصراعيه للعمال الصينيين على الرغم من أن الصين هي مصدر ظهور كوفيد-19، ما أدى إلى ردود الشعب وتساؤلهم عن سيادة إندونيسيا أمام الصين.
رابعا: التهافت في الإدارة لمواجهة إصابة كورونا، ففي أول مرة، منعت الحكومة المركزية رؤساء الأقاليم من إعلان إصابة كورونا، كما جاء في تصريح رئيس الجمهورية حيث قال: "دعوا الحكومة المركزية تدير المعلومات" (3/13)، وفي الوقت نفسه، امتنعت الحكومة عن إعلان المناطق المصابة بفيروس كورونا، كما أدلى به المتحدث الرسمي لمعالجة فيروس كورونا، د. أشار أحمد يوريانتو، أن الحكومة لديها أسبابها الخاصة لعدم ضرورة الإعلان عن المناطق المصابة، (3/12). ولكن بعد يومين من هذا القرار أُذِنت الحكومات المحلية لنشر البيانات حول إصابة كورونا حسب ما قاله المتحدث الرسمي لمعالجة فيروس كورونا، أحمد يوريانتو، في يوم الأحد (3/15): "الآن الأمر متروك لرؤساء المناطق لنشر المعلومات عن إصابة كورونا بحيث لا تذكر هوية المرضى". وبعد ذلك يظهر أن الحكومة المركزية تريد أن تتخلص من قضية هذا الوباء فتترك الرؤساء المحليين لأخذ القرارات بأنفسهم، حيث طلب الرئيس جوكووي من الرؤساء المحليين مواصلة مراقبة حالة مناطقهم والتشاور مع الخبراء الطبيين في فحص كل حالة، مع الاستمرار في التشاور مع الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث لتحديد حالة مناطقهم. (كومباس، 3/16).
خامسا: العجز الذي جعل الحكومة لم تحسم سياستها في مواجهة الانتشار الفظيع من كورونا، على الرغم من تجارب بعض الدول تجاه هذه القضية، هل ستقوم مثل ما قامت به الحكومة الصينية من تنفيذ سياسة الإغلاق، أم ستقوم باختبار كافة أهل البلد حتى يعرف من هم المصابون منهم فتقوم بعزلهم، كما فعلت كوريا؟ وفوق ذلك لم تصرح الحكومة عن تغطية المبالغ لأجل كورونا، وإذا وكل الأمر إلى وكالة إدارة الضمان الاجتماعي، فقد تراكمت مشاكلها من كارثة كورونا، ولكن يبدو أن الحكومة ليس لها سبيل إلا ذلك، فقد صرحت وزيرة المالية، السيدة سري مولياني إندراواتي في جاكرتا يوم الأربعاء (3/18) "سنضع على الفور لائحة رئاسية من أجل توفير اليقين للمنشآت الصحية مثل المستشفيات،على أن وكالة إدارة الضمان الاجتماعي قادرة على دعم خطوات التعامل مع كوفيد-19". لأجل ذلك فقد ظهرت مشاكل عديدة في التعامل مع المصابين، مثل عدم توفر الإمدادات الطبية ورفض بعض المستشفيات استقبال بعض المصابين.
ولا شك أن رأس كل هذا هو سياسة البلاد من الرأسماليين الذين كل همهم هو تحقيق مصالحهم الخاصة، التي تجعل البلاد الغنية مثل إندونيسيا تفقد سيادتها وتعجز عن سد حاجات رعيتها الأساسية. وأما هؤلاء الرويبضات فليسوا هم إلا منفذون لمصالح أسيادهم من أصحاب الأموال والنفوذ الأجنبي الداعمين لمناصبهم.
نعم، إن مثل هذا البلاء قد حصل في سالف الأمة الإسلامية، كما حدث في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكن الفرق ما هو موقف هؤلاء وهؤلاء. فعلى المسلمين في هذه الحالة بذل جهدهم في تجنب انتقال الفيروس، والتعاضد مع بعضهم في إغاثة المصابين، سائلين الله أن يرفع عنهم هذا البلاء والوباء. ومع ذلك، أن يبذلوا قصارى جهدهم في إعادة صياغة العالم بالإسلام وشرائعه وإزاحة كل هؤلاء الرويبضات من التلاعب بالمسؤولية الخطرة، فقد أظهر هذا الوباء عجز العالم كله من مواجهة أصغر جند من جنود الله، وذلك بالعودة إلى حكم الله وتطبيق شريعته وإقامة خلافته التي بسبب غيابها فقدت الأمة جُنتها وراعيها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أدي سوديانا
#كورونا
#Corona
#Covid19