- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
هكذا اقتضت الأوامر
تباعدٌ في بيوت الله وتزاحمٌ خارجها
الخبر:
تداولت وسائل التواصل الإلكتروني صورا ممزوجة بتعاليق الفرحة والحمد والاشتياق لعودة بعض المساجد في البلاد العربية وحضور أول صلاة جمعة يوم 2020/06/05 بعد غلق دام أكثر من شهرين بسبب إجراءات وقائيّة فرضتها الدّول بتعلّة منع تفشّي فيروس كورونا.
التعليق:
لا أحد ينكر مشاعر البهجة والشوق والارتياح التي اعترت جموع النّاس في البلاد الإسلامية عند فتح بيوت الله بعد قرار تعليق إقامة صلاة الجمعة والجماعات، وإغلاق جميع المساجد والاكتفاء برفع الأذان، ضمن إجراءات سمّوها "احترازية" للحد من انتشار الفيروس. ولكن موجع فعلا مرأى مشاهد صفوف المصلّين متباعدة والأصل فيها أن تكون متراصّة متقاربة متراحمة لا فرجات بينها. فقد علّمنا نبيّنا الأكرم r كيف نصلّي الجماعة وكيف نصفّ الصفوف ونسوّيها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبيّ r : «رَاصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيَاطِينَ تَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ». أخرجه أبو داود باختلاف يسير، والنسائي، وأحمد واللفظ لهما. وفي رواية أخرى صحّحها الألباني: «وَمَنْ وَصَلَ صَفّاً وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفّاً قَطَعَهُ اللَّهُ». و«رَاصُّوا صُفُوفَكُمْ»، أي: صِلُوها بتواصُلِ المَناكبِ كأنَّها بُنيانٌ مَرصوصٌ، بانضمامِ بَعضِكم إلى بعضٍ على السَّواءِ، «وَقَارِبُوا بَيْنَهَا»، أي: قارِبوا بين الصُّفوفِ بحيثُ لا يسَعُ ما بينَ كلِّ صَفِّينِ صَفّاً آخرَ؛ حتَّى لا يقدِرَ الشَّيطانُ أنْ يمُرَّ بينَ أيدِيكم، «وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ» بأنْ يكونَ عُنقُ كلٍّ منكم مُوازياً لعُنقِ أخيه الَّذي بجوارِه، فتستوِيَ الأجسامُ في الصُّفوفِ، «فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ»، وهذا قسَمٌ باللهِ عَزَّ وجَلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يملِكُ الأنفُسَ، «إنِّي لأرى الشَّياطينَ تدخُلُ من خلَلِ الصَّفِّ كأنَّها الحذَفُ»، والحذَفُ: غنَمٌ سُودٌ صِغارٌ، فكأنَّ الشَّيطانَ يَتصغَّرُ؛ حتَّى يدخُلَ في تَضاعيفِ الصَّفِّ وفي الفتحاتِ بين النَّاسِ. كما روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ: «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ». ولكن القائمين على الوزارات المكلفة بالشؤون الدينيّة في مختلف البلاد الإسلاميّة لم يكفهم غلق المساجد طوال الفترة الماضية وتعطيل شعائر الإسلام والفتوى بجواز ذلك بحجّة الحرص على المصالح العامة للمسلمين، ودفع الأذى عن عموم أهل البلاد وتحقيق أعظم مقصد من مقاصد شريعة الإسلام وهي حفظُ النفوس وحمايتها ووقايتها من كل الأخطار والأضرار، حسب زعمهم، لم يكفهم كلّ ذلك، بالرّغم من أنه كان بإمكانهم أخذ الإجراءات الوقائيّة اللازمة دون غلق المساجد ومنع الناس الأصحاء منها وتعطيل فريضة من فرائض الإسلام، بل أحدثوا في ديننا وغيّروا في كيفيّة أداء صلاة الجمعة والجماعة وشروطها. وكأن المساجد باتت بؤرا للوباء فحكم عليها أن تكون خالية ومن ثمّ اشترط أن تُصلّى وفق مذهب الأهواء في حين عجّت الأسواق ووسائل النقل والمحلات التجارية بالناس. أيُعقل أن يزدحم الناس خارجا ويتفرّقوا في بيوت الله؟! ألا ساء ما يحكمون.
إن حرص حكام المسلمين على غلق المساجد وإصرارهم على التغيير في العبادات، كسعيهم الدّؤوب المتواصل إلى طمس الهويّة الإسلامية وضرب الأحكام الشرعيّة وتعديلها حتى توافق القيم العلمانية الليبرالية، هو أمر مقصود. بل هو تمهيد لتبسيط القبول بانتهاك حدود الله وتعطيل أحكامه والرّضا والتسليم بذلك، اليوم بأعذار صحّية تمليها منظمة الصحة العالمية وغدا دون أعذار. فاللهم إنَّنا نبرأ إليك مما يفعله المُفسدون.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. درة البكوش
#كورونا | #Covid19 | #Korona