- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الميزان
ميزان الفكر والنفس والسلوك
الحلقة الثامنة والعشرون
بسم الله الرحمن الرحيم
1- عقيدة النصر
أحد الموازين المهمة التي لا يستغني عنها المؤمن، وتنظم جانباً مهماً من حياته، ومفهومها أن النصر من عند الله سبحانه، وأنه ينصر من يشاء، يقول سبحانه وتعالى: (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)، ويقول سبحانه: (وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم).
لكن الله سبحانه وتعالى أمر المسلمين أن يعدّوا أقصى ما يستطيعون، فقال سبحانه: (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم).
والإعداد المطلوب يشمل كل ما يلزم للحرب والقتال، من إعداد مادي من سلاح وآلة الحرب المناسبة للظروف، وإعداد الجند وتدريبهم وتثقيفهم، والإعداد العام من حسن تخطيط وتحرّي أخبار العدوّ، والوعي السياسي بإدراك المؤامرات والمخططات الدولية.
والله سبحانه اشترط على المسلمين شروطاً لنصرهم، أولها وأساسها الإيمان بالله سبحانه والإيمان برسوله، ثم التقوى، ثم التوكل على الله وحده، ثم الصبر، ثم نصر الله تعالى، ثم قتال الكفار ومجاهدتهم لإعلاء كلمة الله، فقال سبحانه وتعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)، وقال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). فالآيتان ذكرتا الذين آمنوا، وأن الله ينصر الذين آمنوا، وهذا يعني اشتراط الإيمان لاستحقاق نصر الله، وكذلك اشترطت الآية الثانية أن ينصر المؤمنون اللهَ تعالى، ونصر المؤمن لله تكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. وقال سبحانه وتعالى: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)، وقال سبحانه وتعالى في سورة الصف: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ {10} تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {11} يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {12} وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) فاشترطت الآية على المؤمنين أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وقبل ذلك اشترطت الإيمان بالله ورسوله.
وقال سبحانه وتعالى: (الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) سورة الأنفال، فالله سبحانه اشترط الصبر في هذه الآية لتتحقق الغلبة أي النصر.
وقال سبحانه وتعالى: (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ) سورة آل عمران- 160، فذكر التوكل هنا في موضوع النصر يعني اشتراطه لتحقق النصر، فضلاً عن الأمر العام بالتوكل على الله في آيات كثيرة، كقوله تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) سورة الطلاق، أي كافيه كل ما يهمه، أي يكفيه كل شيء ومنه النصر، وكقوله سبحانه: (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) سورة المائدة- 23، فضلاً عن اشتراط التوكل على الله في كل عمل يقوم به المسلم ليتم هذا العمل بتوفيق الله سبحانه، والتوكل على الله مطلوب في كل عمل يراد منه تحقيق نتيجة، والنصر نتيجة من النتائج التي هي بيد الله سبحانه.
وأمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يجاهدوا الكفار، ويقاتلوهم حتى يتحقق لهم نصر الله تعالى عليهم، فقال سبحانه وتعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ) سورة التوبة.
وأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نسأله النصر، وندعوه أن يكون معنا وأن يمكّن لنا، هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفع يديه إلى السماء ودعا ودعا حتى سقط رداؤه عن كتفيه، وهكذا كان حال النبيين من قبله، (قال رب انصرني بما كذبون) المؤمنون – 26، 39. عن اثنين من رسل الله عليهم الصلاة والسلام،
كتبها للإذاعة وأعدها: خليفة محمد - الأردن