الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

  الناس لا تهمهم التسميات بل يريدون أن يأمنوا على أنفسهم  

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم


لم يتبق شيء في السودان يمكّن الإنسان من أن يعيش حياة طبيعية، فكل شيء مشكلة، أسعار السلع والخدمات مرتفعة، والبطالة ضاربة أطنابها وسط الشباب، والتعليم فقط لمن يملك مالاً، أما لو كنت مريضاً فمُتْ من مرضك، فالدولة لن تتكفل بعلاجك، مما يعني أنك ستصارع المرض حتى آخر قرش في جيبك أو الموت، كل ذلك في كفة، وانعدام الأمن في كفة أخرى، فقد انتشرت حوادث ما يعرف بعصابات النيقرز الذين لو قدر أن لقوا أحداً، فلا يتركونه إلا وهو يشخب دماً بسلاحهم الأبيض المميز لهم، وأصبح من يمشي عبر الطريق العام وبخاصة في أطراف العاصمة، عليه أن يكون متأهباً لمواجهتهم بالهروب السريع، فهم بعد السلب والنهب يستمتعون بالضرب الذي يؤدي إلى القتل أحياناً.


رغم ذلك فقد نفى مدير دائرة الإعلام بالشرطة هشام على عبد الرحيم على قناة الشروق يوم السبت 14/12، نفى ما يتردد عن وجود منظم لما يعرف بعصابات النيقرز في الخرطوم، وقال إن عصابات النيقرز ظهرت في فترة ما بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا في عام 2005م إلى العام 2009م وتم حسمها تماماً. ولكنه أقر بوجود مجموعات وصفها بالمتفلتة تمارس نوعاً من الإجرام والفوضى، وتخطف حقائب النساء وتعترض الناس في بعض المناطق.

 

وقال إن الشرطة تعمل الآن لاجتثاثها. ورفض تسمية هذه الجماعات بالنيقرز. وقال إن بعض الصحف تتداول أخباراً غير صحيحة عن جرائم تنسبها للنيقرز.


إننا لا ندري ما هو الفرق بين المجموعات المتفلتة والنيقرز ما داموا يقومون بنفس العمل!!


جاء هذا التصريح عقب حوادث لا تحصى وقعت لأشخاص في نواحٍ متفرقة من الخرطوم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، في الأسبوع المنصرم حسب شهود عيان، هاجمت مجموعة من الشباب ممن يعرفون بالنيقرز مدرسة الشليخة بالحاج يوسف، ثم انتقلت إلى مدرسة أم المؤمنين فنشرت الهلع وسط الطالبات لدرجة اضطرت الإدارة لقطع اليوم الدراسي، وصرف الطالبات قبل نهاية الدوام، وما زال أولياء الأمور يبذلون مجهوداً في تتبع بناتهم خوفاً من عودة هؤلاء النيقرز. وتتجدد الحوادث في كل مكان. وأهم مواصفات من يقومون بهذه الأعمال تقاربهم في السن من (17 - 20) سنة، وشكل الشعر، ووجود أوشام على أجسامهم، وشكل الملابس، في تشبه واضح منهم بالزنوج الأمريكان، وهم يحملون دائماً السلاح الأبيض (سواطير وسكاكين)، ويمكنهم قتل الإنسان لأتفه الأسباب، مثل الموبايل، وضربه حتى يفضي إلى الموت أو الغيبوبة أحياناً، وهم يتحركون في مجموعات، وفي كل يوم تنطلق قصة جديدة يتداولها الناس والمارة في الطرقات عن وقوع حوادث اعتداءات من قبل هؤلاء العصابات، حتى الأحياء التي كانت تنعم بالأمن في الأعوام الماضية لم تعد تنعم به الآن، لدرجة أن تلك العصابات لم تعد تهدد الأمن ليلاً فحسب، بل تجدها في كل الأوقات، في منتصف النهار وفي الصباح الباكر وعند مغيب الشمس، وفي كل من تلك الأوقات تكررت حوادث النهب بأجزاء متفرقة من العاصمة. وكل الناس باتت تعرف هذه العصابات والشرطة تصر على عدم وجودها وتصر على عدم تسميتها بعصابات النيقرز، لماذا هذا الإنكار لواقع محسوس ملموس لدى الجميع!!


منطقة الحاج يوسف ودار السلام وسوبا ومايو والسامراب والأزهري وغيرها من المناطق، شهدت نشاطاً مكثفاً، وجرائم متكررة يضيق المقام عن ذكرها وهي في معظمها سلب ونهب وقتل وجروح غائرة بالسلاح الأبيض.


والعقوبات التي نص عليها القانون ليست كافية للردع حيث لم يفرد القانون نصوصاً صريحة وواضحة تعرف بالتفلت والمتفلتين والعقوبات التي يجب أن تصدرها المحاكم في مواجهة المتفلتين مما يجعل الشرطة تقدمهم للمحكمة بموجب المادة (77) من القانون الجنائي (الإزعاج العام) والتي تصل أقصى عقوبة لها السجن لمدة شهرين ليعودوا لمزاولة عملهم مجدداً في ترويع الناس.


وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة صحف قامت ببذل جهود لزيارة أوكار عصابات النيقرز ووثقت لذلك كل من صحيفة السوداني والمشاهد والأهرام اليوم. ومن الحوادث التي وقعت حادث تعرض الصحفية سلمى آدم، لعملية نهب في وضح النهار من قبل خمسة من أفراد عصابات النيقرز أثناء صعودها أحد باصات الولاية بضاحية المنصورة، وخطف أفراد العصابة حقيبتها، لكنها تمسكت بها حتى تمزقت أجزاء منها ولاذوا بالفرار إلى منطقة انقولا بمايو.


ومع هذا الزخم من المعلومات التي تتوافر عن هذه العصابات ما زالت الشرطة تنفي وجودهم ولا ندري هل يثبتون وجودهم بعد أن يقوموا باقتحام مقار الشرطة وهم لا يحملون سوى السلاح الأبيض في تحدٍ صريح للشرطة التي عجزت عن اجتثاثهم، بسبب ضعف القوانين التي يحاكمون بموجبها، حتى تقر الشرطة بوجودهم، فتعمل إن كانت عاملة على توفير الأمن للناس!!!


لقد أصبح الناس لا يهمهم تسميتهم، بل يريد أن يأمنوا على أنفسهم منهم.


إن المشكلة تكمن في ما يلي:


أولا: عدم التقصي عن هذه العصابات، وما دام أن هناك صحفيين قادرين على الوصول إليهم فكيف للشرطة المدججة بالسلاح وقد فرض الله عليها توفير الأمن!

وما أسهل أن تقوم بهذا العمل، مع توفر التقنيات الحديثة!


ثانياً: ضعف القانون الذي لا يمثل رادعاً يليق بهذه الجرائم.


ثالثاً: الفاقد التربوي نتيجة ارتفاع تكاليف التعليم وهو واجب على الدولة أيضاً.


رابعاً: البطالة المتفشية وسط الشباب في هذه الأعمار.


خامساً: المجتمع الذي ينشئ مثل هؤلاء يكون الوازع الروحي فيه منعدمًا، سواء بسبب الأسرة (النواة الأولى للتعلم) أو الدولة بحكم أنها المطبِّق للقوانين التي يجب أن تُستمَدّ من عقيدة الأمة وهي الإسلام، مما يوجد توحيد مشاعر الأفراد بالرضا لله والغضب لله، وعدم توفر ذلك هو منبع الجرائم والمجرمين.


قاَل رسَوُل الله صلََّى اللَّهُ علَيَهْ وسَلََّم: «منَ أصَبْحَ منِكْمُ آمنِاً فيِ سرِبْهِ، معُاَفىً فيِ جسَدَهِ، عنِدْهَ قوُت يوَمْهِ، فكَأَنََّماَ حيِزتَ لهَ الدُّنيْا». إن نعمة الأمن لهي من أعظم النعم، وهي من الحاجات الأساسية التي يوجبها حق رعاية شؤون الرعية على الدولة، وتقوم الشرطة بهذا الواجب في دولة الخلافة وهي تابعة لدائرة الأمن الداخلي التي تضطلع بمهمة تأديب كل ما يهدد الأمن الداخلي؛ وهي عدة أعمال من بينها قطاع الطرق أو المحاربون والذين يتعرضون للناس فيسلبون وينهبون ويقتلون الناس وعقوبتهم مبيَّنة في الآية الكريمة: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. وعقوبة من قتل وأخذ المال أن يقتل ويصلب، ومن أخذ المال تُقطع يدُه ورجله من خلاف ولا يقتل، ومن أظهر السلاح وأخاف الناس ينفى إلى بلد آخر داخل الدولة. وهنا الحسم الحقيقي فلا يكفي فقط الدوريات وكثرة رجالات الشرطة إنما أحكام القضاء فهي المجففة لمنابع مهددات الأمن الداخلي سواء سُمّيت عصابة أم أفرادًا، فكله يهدد الأمن وواجب الدولة التعامل معهم بحزم وليس نفي وجودهما.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب / غادة عبد الجبار

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع