الثلاثاء، 22 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

وقفات مع النفس- خادم نشيط للأمة أم متسلط كسول

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  ونستمر معكم في سلسلة وقفات مع النفس ، والتي آمل من خلالها أننا فعلاً نقف مع أنفسنا ونراجعها ونقومها ونحاسبها قبل أن نُحاسب ، ووقفتنا اليوم ستكون مع إنسان نتعامل معه على الأقل مرة يومياً ، شخص يحتم عليه موقعُه التعاملَ مع الناس بمختلف أنواع سلوكهم وأنماط تفكيرهم ، شخص يمكن إذا اتقى الله تعالى في عمله أن يكون خادماً نشيطاً للأمة وإلا فسيكون متسلطاً كسولاً ،، ربما عرف بعضُكم عمن سأتكلم وبعضُكم لم يخمن بعد ،، وقفتنا اليوم مع الموظف في الدوائر والشركات الحكومية أو حتى الخاصة .


فيا أخي الموظف أينما كنت وفي أي موقع أنت ، تقضي في عملك ساعاتٍ طوال ليست أقلَّ من ثماني ساعات يومياً فهل تؤدي عملك فيها بما يرضي الله تعالى !؟هل تقومُ بخدمة الناس وقضاء مصالحهم بما يسهل أمورهم ويقضي حاجاتِهم ؟! أم تقومُ بتعطيل تلك المصالح وعدمِ القيام بواجبك لكسلك وإهمالك !؟

إن معدل ساعات العمل في الشركات والدوائر سواء الحكومية او الخاصة هو ثماني ساعات تبدأ في وقت محدد صباحاً ولنقل الساعة الثامنة مثلاً ، فمن الموظفين من يكون على مكتبه في تمام الثامنة ومنهم من يأتي قبل ذلك بدقائق ، ومنهم من يتأخر عن موعد عمله ، ويبدأون بمباشرة أعمالهم وهم كذلك ليسوا في أسلوب ذلك سواء ، فمنهم من يبدأ يومه بشرب الشاي أو القهوة أو يحضر طعام الفطور معه ، فتصبح الساعة التاسعة صباحا ولم يبدأ بعدُ بعمله ولم ينجز بعدُ شيئا من تكاليفه وما أن تصبح الساعة الثانية عشرة حتى يحسّ بالجوع فيذهب لتناول طعام الغداء ،، غير ما يصرفه من وقت في الأحاديث الفارغة والتي ليس لها علاقة بالعمل ، وفي المحصلة تكون ساعات عمله الحقيقية لم تتجاوز الساعتين أو الثلاث ساعات من أصل ثماني ساعات...فيبادر إلى تحضير نفسه لمغادرة الشركة الساعة الواحدة ليغادرها قبل الثانية بربع ساعة!! وحتى خلال تلك السويعات منهم من لا يكلف نفسه عناء العمل، إلا إن رأى مدير الدائرة أو صاحب الشركة يتفقد الموظفين أثناء جولة يقوم بها بينهم فيُظهر الجد والإجتهاد أمامه وما أن يبتعد عنه حتى يعود إلى ما كان عليه من إهمال وتقاعس وكسل . فهل أنت من هؤلاء أخي الموظف ؟!
ببينما على الجانب الآخر هناك من يجتهد في عمله، فيبدأه في الوقت المحدد ولا يُنهي نشاطه إلا عند انتهاء الدوام وأحياناً بعده بقليل . وقد يبادرون للقيام بأعمال فوق تكاليفهم متمثلين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن اللّه يُحبُّ إذا عَمِلَ أحَدَكُم عملا أن يُتقِنَه " .

نأتي إلى أسلوب التعامل مع الجمهور أو الناس المراجعين لقضاء مصالحهم ،، تراهم يقفون طوابير طويلة أمام موظف ما وهو يصيح بهذا ويصرخ بذاك متأففاً منهم .. متذمراً من ظروف عمله وقلة راتبه ، وحين يأتي دور أحدهم عنده بعد طول انتظار يقول له معاملتك ليست عندي بل اذهب إلى الموظف فلان أو تنقص معاملاتك كذا وكذا ،، ويكون هذا ليس صحيحاً بل تعطيلٌ وتنكيدٌ ليس إلا ،، فهو غير مرتاح لشروط العمل في الشركة ويشعر بالظلم فيها فبالتالي لا يتقن عمله ، وهذا كلام مرفوض فهو قد قبل منذ البداية بشروط الدائرة أو الشركة وقوانينها بعد أن اطّلع عليها وبدأ عمله على أساسها ، وليت الأمر يقف عند هذا الحد من الإزعاج بل المصيبة الكبرى أن عدداً لا بأس به من الموظفين الآن لا ينهي معاملة أو يقضي أمراً بدون رشوة، نعم- مستمعينا- رشوة يسميها زوراً وبهتاناً هدية او تسهيلَ مصالح ، وهذه أصبحت السمة الواضحة في مؤسساتنا ودوائرنا وشركاتنا ، وكلما زاد المنصب ازدادت قيمة الرشوة ، عفوا الهدية على رأيهم والذكي فيهم من يستغل منصبه أكثر ويخرج من وظيفته بحصيلة أكبر من الأموال المودعة في البنوك . وحجتهم في ذلك أن ما يأخذونه غير كاف لمعيشتهم والرزق يحب الخفية والفهلوة وتلك الأقوال التي يخدعون بها أنفسهم قبل غيرهم .

وفي تعامل بعض الموظفين مع المدير أو رئيس العمل نرى تملقهم ونفاقهم وزيف مشاعرهم ،، ووراء ظهورهم تسمع السب والقدح والذم وكأنه يتكلم عن شخص آخر وليس عمن كان قبل دقائق يمدحه ويضعه في مصاف النجوم والكواكب ، والويل للمدير إن خرج من منصبه او أُخرج منه حينها تنطلق الأبواق بمثالبه وفضائحه وهي نفسها التي كانت قبلها بيوم تصدح بمحاسنه وحسناته ، منتهى النفاق الممجوج، وأذكر هنا هذا الحديث النبوي الشريف ، عن أبي البختري عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس وقلب مصفح , فأما القلب الأجرد( أي ليس فيه غل ولا غش ) فقلب المؤمن , سراجه فيه نوره ,وأما القلب الأغلف(أي عليه غشاء من سماع الحق وقبوله ) فقلب الكافر, وأما القلب المنكوس( أي قلب المنافق الذي عرف الايمان وأنكره) فقلب المنافق عرف ثم أنكر , وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة (أي الشجرة ) يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم ، فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه ) مسند أحمد .

وإن نظرنا إلى علاقته مع زملائه فالطامة أكبر فهو يتسلق على حسابهم في العمل ، يطعن بهذا ويخدع ذاك ، يتصيد الأخطاء والزلات ،، بل منهم من يأخذ جهد غيره وينسبه لنفسه ضارباً عُرض الحائط بكل القيم والأخلاق .و بدل أن يكون معهم فريق عمل واحد يتقون الله في عملهم ويحبون لبعضهم ما يحبون لأنفسهم من خير ، ويسترون ما يرون من أخطاء بعض ويتناصحون فيما بينهم بتلك الأخطاء لتصحيحها بدل نشرها واستغلالها للنيل من بعضهم البعض .

وكل ذلك ناتج عن قلة نازع التقوى ومخافة الله وعدم الشعور بالمسؤولية من جهة ، ومن جهة أخرى عن توسيد الأمر إلى غير أهله حيث المحسوبيات والمحاباة هي التي تحكم المناصب وليس الكفاءة والقدرة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة ، قال صلى الله عليه وسلم : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال : وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " [ رواه البخاري ] .
كل ما سبق ناتج عن غياب السلطان والحاكم الذي يحاسب ويعاقب المقصرين فإن الله ليدع بالسلطان مالا يدع بالقرآن ،، وقبل ذلك كله الذي يضع الرجل المناسب في مكانه المناسب ويتعامل معهم على أساس أن أكرمهم عند الله أتقاهم . نسأل الله تعالى أن يجعل هذا اليوم قريباً .

هذه هي وقفتنا لهذا اليوم ، ونستودعكم الله تعالى الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع