الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

العنف في قرغيزستان ضد النساء والأطفال كوسيلة في مكافحة التطرف

أمر مستساغ في العالم الديمقراطي العلماني!

(مترجم)

 

ليس سرا أن النظام القرغيزي ليس له علاقة كبيرة بالإسلام، بدلا من ذلك هو معروف بقابليته لروسيا وبوتين، والعداوة تجاه الإسلام والمسلمين. وعلى هذا النحو، اعتمدت المادة 299-2 من القانون الجنائي في عام 2010، التي تحظر حيازة مواد متطرفة وفقا لنموذج القانون الروسي لمكافحة التطرف. بما يليق بالطابع المغرض للحكام والسلطات القرغيزية، تم وضع تعريف المواد المتطرفة بشكل غامض للغاية، وهو أساس التغييرات وفقاً لتصور ضباط التحقيق والمحامين ووزارة الشؤون الدينية في الدولة، وبالتالي يختلف في كل حالة فردية. وعادة ما تصنف السلطات المواد على أنها متطرفة بعد إجراء الاعتقال. وهكذا، من الشائع جداً في قرغيزستان أن يقوم رجال الأمن بتلفيق أو حتى زرع مواد في أثناء عمليات التفتيش، ثم يطلبون بدفع مبالغ لإنهاء التحقيقات. ومنذ عام 2013، تجرّم التعديلات التي أُدخلت على المادة 299-2 حيازة مواد تعتبر متطرفة حتى لو لم يكن لدى المتهم نية لنشرها، وحتى نفي حيازتها. وهكذا حُكم على مئات من المسلمين الأبرياء بالسجن لمدد تتراوح ما بين 3 و10 سنوات بتهم ملفقة بالتطرف والعنف. وأيضا من الشائع جدا التعذيب على يد موظفي إنفاذ القانون لانتزاع الاعترافات (لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والمركز الوطني لقرغيزستان). ووفقاً لمنظمة رصد حقوق الإنسان، "وفي كثير من الحالات، استخدمت السلطات في قرغيزستان المادة 299-2 لسجن المشتبه بهم لمجرد سلوكهم غير العنيف، مثل حيازة مطبوعات أو أشرطة فيديو محظورة أو ممارسة أشكال محافظة تتعلق بالإسلام". وكشفت سجلات المحكمة التي استعرضتها هيومن رايتس ووتش بشأن 299 قضية، فضلاً عن الوثائق الحكومية، وتقارير وسائل الإعلام، ونشرات وسائل التواصل الإلكتروني حول مثل هذه الحالات، أن أياً من تلك المواد التي تصنفها الدولة على أنها متطرفة لم تتضمن عنفاً أو تحريضاً على العنف. ووفقاً لمسؤولين حكوميين، فإن الكثير من المواد المتطرفة التي عُثر عليها في حوزة أفراد حوكموا بموجب المادة 299-2 هي خطب وكتابات أخرى من حزب التحرير، وهو حزب سلمي يسعى إلى إقامة الخلافة في البلاد الإسلامية على أساس الشريعة الإسلامية. ويتبرأ حزب التحرير علناً من الجهود الرامية إلى تحقيق أهدافه بوسائل العنف. (تقرير من 78 صفحة من هيومن رايتس ووتش في 2018، "نحن نعيش في خوف دائم: حيازة مواد متطرفة في قرغيزستان").

 

وبعد توضيح ذلك، فإن الاعتقالات الأخيرة لثماني نساء مسلمات بريئات مسالمات في قرغيزستان لا ينبغي أن تمر دون أن يلاحظها أحد في العالم! فقد ألقي القبض على هؤلاء النساء لمجرد كونهن مسلمات. كما أنهن تعرضن لأساليب الدولة "غير القانونية" نفسها التي تعرض لها المئات قبلهن. وقام رجال الأمن بإذلالهن وإساءة معاملتهن أثناء التفتيش، وحرموهن من حقهن في ارتداء ملابسهن الإسلامية والحجاب. وزرعوا في بيوتهن مواد مشبوهة مختلفة لا تخص أياً من النساء المعتقلات. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أُسيئت معاملتهن، واحتجزن في الهواء الطلق في يوم ممطر وبارد لمدة تتراوح ما بين 6-12 ساعة في ظل ظروف كوفيد-19، مما أثر سلباً على جهاز المناعة لديهن وجعلهن عرضة للعدوى، وحرمانهن حتى من الأكل. ونتيجة لذلك، أصيبت إحدى السيدات، باكتيبيك كيزي محبت (29 عاما)، التي تعاني من حالة صحية تتطلب علاجا منتظما، مما اضطر إلى إدخالها المستشفى. هذه السيدة لديها أيضا طفلان صغيران في مرحلة ما قبل المدرسة يعتمدان على والدتهما. وبالمثل، فإن حالة مريم إسماعيلوفا، وهي أم لأربع بنات، تتراوح أعمارهن بين 6 سنوات و12 سنة. قد أُطلق سراحها لتوقيفها في المنزل، وتتوقع السجن في أي لحظة. وفي يوم اعتقالها كانت ألماجول أجومودينوفا (51 عاماً) ترعى حفيدتها المصابة بالشلل الدماغي. ونتيجة للاعتقال، أصيبت الفتاة، التي لم تتمكن حتى من الجلوس بمفردها، بنوبة صرع. واستجوبت إحدى النساء، وهي مامريكانوفا أمانجول، لعدة ساعات بينما كانت تعتني بابنها البالغ من العمر 4 سنوات والمصاب بمتلازمة داون والذي خضع لعملية جراحية في القلب مؤخراً. ولم يُسمح حتى لأرونوفا إركينجول (37 عاماً) التي ترعى والدها البالغ من العمر 90 عاماً ووالدتها البالغة من العمر 80 عاماً، التي تعرضت لسكتة دماغية مؤخراً وحالتها الخطيرة، برؤية أي شخص من أفراد أسرتها منذ اعتقالها. ولم تُقدّم هي وباكتيبيك كيزي محبت إلى المحكمة بعد، وهما محتجزتان في سجن فيه مصابون بوباء كورونا. أرخاجول أجومودينوفا (37 عاماً) أم لثلاث بنات وابن، يبلغون من العمر 2 و6 و9 و16 عاماً. مريم كاديرالييفا (34 عاماً) أم لطفلين يبلغان من العمر 5 و9 سنوات... وغيرهن الكثير في ظروف مماثلة.

 

وهذا بلا شك عنف بأشكال مختلفة تجاه هؤلاء النسوة وأطفالهن وآبائهن. بل هذا إرهاب الدولة في شكله الأكثر وضوحاً، بحجة التطرف! هذا العنف الذي يقوم به النظام القرغيزي يتسامح معه العالم الديمقراطي العلماني باعتباره وسيلة مشروعة في مكافحة التطرف!

 

ومن المؤكد أن هناك واجبا ومسؤولية على كل مسلم لرفع مستوى الوعي حول هذا الإرهاب الذي يقوم به نظام قرغيزستان. وفي مقدمة الأمر، من واجب كل السياسيات والناشطات في البلاد الإسلامية مثل تركيا، وخاصة السياسيات والوزيرات والناشطات في حزب العدالة والتنمية، اللواتي يناضلن بإخلاص من أجل الحقوق الحديثة للمرأة، واللواتي يتشبثن بالاتفاقات والحقوق الدولية للمرأة بأظافرهن وأسنانهن خوفاً من "فقدان كل المكاسب الديمقراطية للمرأة"، من واجبهن رفع أصواتهن ضد هذا العمل من أعمال العنف.

 

عزيزاتي الناشطات والسياسيات والوزيرات في البلاد الإسلامية، اللواتي يؤكدن على الدفاع عن حقوق المرأة المسلمة، إن المسلمين الأتقياء في قرغيزستان ليسوا سياسيين ذوي نفوذ، ولا ناشطين مشهورين؛ وهم لا يتمتعون بالنفوذ. ولا توجد نساء بمكاسب ومناصب حديثة مثلكن، لكن وجودهن البسيط وحده يشكل تهديداً لهذا النظام المتعصب والمتطرف. لا يحتجن إلى رفع إصبع لجذب انتباه القانون، لكن القانون يجد طريقه دائماً للوصول إليهن بكل قسوة، ومع ذلك فإن العالم ليس لديه علم بهذا العنف ضد هؤلاء النساء المسالمات!

 

لقد حان الوقت أن تستجوبوا أنفسكم، ومواقفكم، وألقابكم في ديمقراطياتكم الحبيبة! إذا كان حراس هذا النظام، الذي يكره الإسلام والمسلمين، يصفقون لكم، فعليكم أن تعترفوا بأنكم تقفون موقفاً خاطئاً، فإذا كنتم تتلقون إشادة البرلمانات الديمقراطية العلمانية ووسائل الإعلام، في حين إن أخواتكم المسلمات محرومات من حريتهن في الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم، وإذا عززت وسائل الإعلام العلمانية أصواتكم وآراءهم المؤيدة للمحادثات الغربية، بينما هم يشوهون صورة الإسلام ونسائه وقيمه وتاريخه؛ وإذا منحتكم أوروبا والغرب الدعم المالي لتنفيذ الاتفاقيات والمشاريع الدولية، وفي الوقت ذاته يحرمون أخواتكم من الوصول إلى المدارس العامة والأماكن العامة بملابسهن الإسلامية، فعليكم أن تشككوا في الأفكار التي تدعون إليها.

 

هؤلاء النساء المسلمات الورعات الصالحات، اللواتي لا يخضعن لأي شيء إلا لأوامر ربهن، اللواتي لا يقلن كلمة واحدة ضد رضا خالقهن، اللاتي ليس لديهن قول أو سلوك غير أخلاقي أو غير لائق، يُنتزعن من أزواجهن وأطفالهن وآبائهن بينما أنتم تفخرون باحترام الكفار، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مؤشر أنكم أنتم من يتعرض للإذلال، لقد آن الأوان لقلب الموازين.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زهرة مالك

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع